مسالخ الموت البطيء.. قصة سجين خرج مشلولًا من سجون الحوثي
في الوقت الذي تزعم فيه مليشيا الحوثي حسن نواياها عبر الإفراج عن عددٍ من المعتقلين وتصوير الأمر على أنّه بادرة لحل الأزمة، إلا أنّها في الواقع تطلق سراح من انتهت حياتهم نفسيًّا وإكلينيكيًّا.
أحد هؤلاء المُطلق سراحهم مؤخرًا من سجون الحوثي، هو الشيخ عبدالرحمن عمر الذي أفرج عنه رفقة آخرين في خطوة يقول الحوثيون إنّها تبرهن على حُسن نواياهم، إلا أنّ "هذا الشيخ"، ابن محافظة صنعاء، لم يخرج من المعتقل الحوثي كما دخله أول مرة.
تقارير حقوقية أكّدت اليوم الأربعاء، أنَّ "الشيخ عبدالرحمن" هو ضحية جديدة للتعذيب الذي تمارسه مليشيا الحوثي داخل أقبية السجون في انتهاك صارخ للإنسانية والحريات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية.
دخل "الشيخ عبدالرحمن"، وهو أحد وجهاء منطقة مديرية مناخة بمحافظة صنعاء، السجن الحوثي وهو بكامل صحته، لكن على إثر التعذيب الوحشي من قِبل المليشيات أطلق سراحه وهو "مشلول وفاقد الحركة"، بعدما كان قد تمّ
اختطافه من قبل مسلحين حوثيين من الطريق العام في سوق مناخة طريق الحديدة صنعاء في 14 يوليو من العام الماضي.
اقتيد "الشيخ" إلى إدارة أمن القدم وبعد يومين نقل إلى جهة مجهولة أمضى فيها أكثر من شهرين، وبعدها علمت أسرته أنه في سجن خاص بمنطقة حزيز في ضواحي أمانة صنعاء تابع للمليشيات.
"عبد الرحمن" تعرَّض خلال احتجازه لصنوف قاسية من التعذيب النفسي والجسدي، في السابع من سبتمبر الماضي فقد وعيه وأصيب بجلطة أفقدته الحركة وأصبح بعدها "مشلولًا"، وحينها رفض الحوثيون في إدارة السجن الإفراج عنه أو إسعافه بالمستشفى.
وفي 18 سبتمبر، نقل عبد الرحمن للمستشفى المركزي بصنعاء بعد أن أصيب بشلل نصفي، قبل أن تفرج المليشيات عنه أمس الأول الاثنين، وهو يرقد حاليًّا بأحد مستشفيات صنعاء فاقًدا للحركة.
ما ارتكبته المليشيات الحوثية بحق "الشيخ عبد الرحمن" من خطف وإخفاء وتعذيب يعد خرقًا متعمدًا للاتفاقيات الدولية، ومنها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري التي تنص، وفق تقارير حقوقية، على عدم جواز تعريض أي شخص للاختفاء القسري، وعدم جواز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، قد تستخدم لتبرير الاختفاء القسري، إذ لا مُبرر له.
ويتم اختطاف الشخص دون مسوغ قانوني، وسجنه دون محاكمة وتعذيبه، كما تمنع المليشيات الحوثية أهالي المختطف من الزيارة.
وترتكب المليشيات كثيرًا من الجرائم ضد المختطفين الذين تزج بهم في السجون، حيث يتبع الانقلابيون أساليب ممنهجة في التعذيب، وقدّرت أعداد المتوفين بالعشرات، ويتم احتجاز جثثهم ثم مساومة الأهالي على دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل حصولهم على جثامين ذويهم.
كما تعج السجون الحوثية بالعديد من السيدات، وتقدّر مصادر حقوقية أنّ عدد المختطفات والمعتقلات في سجون المليشيات يبلغ أكثر من 180 امرأة، في حين يقدر عدد المعتقلات اللواتي تعرضن للتعذيب بـ55 امرأة ممن اعتقلن وأفرج عنهن، وما يزال نحو 120 امرأة يقبعن في سجون الحوثي ويتعرضن منذ أشهر للتعذيب والاستغلال.