حوار جدة والمصير المحتوم.. جنوبٌ حرٌ وشرعية بلا إصلاح
على مدى أسابيع متواصلة، تتركّز الأنظار على "حوار جدة" باعتباره السبيل الوحيد للقضاء على العبث الذي أحدثته حكومة الشرعية في الحرب على المليشيات الحوثية التي تسبّبت في "عبثٍ" لا يقل وحشية.
وبينما قدّم التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، الكثير من الجهود والتضحيات في الحرب على الحوثيين، فإنّ حكومة الشرعية تسبّبت في تعطيل حسم الحرب عسكريًّا، بعدما تركت نفسها لاختراق حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، فانحرفت بوصلة الحرب وتشوّه مسارها بشكل كامل.
ولعل العدوان الإخواني الإرهابي على الجنوب مؤخرًا الذي واجهته القوات الجنوبية ببسالة وسطّرت بطولات خالدة، قد ساهم في تعرية "إخوان الشرعية" أمام الجميع، لا سيّما أمام التحالف العربي الذي تيَّقن مما ارتكبه هذا الفصيل بعدما سلّم المليشيات مواقع استراتيجية وجمّد جبهات أخرى.
هذه الخيانات الإخوانية مثّلت أكبر خدمة يمكن أن تُقدم إلى المليشيات الحوثية، إلا أنّ "حوار جدة" الذي ترعاه المملكة العربية السعودية بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية بات يُنظر إليه بأنّه الأمل الوحيد لإصلاح كل هذا العبث.
وتأكيدًا لذلك، يقول نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك: "ثقتنا بالتحالف العربي بقيادة السعودية لاحدود لها، وسننتصر بإذن الله رغمًا عن كل المؤامرات والدسائس التي تريد إفشال التحالف وإنجاح المشروع الإيراني".
وأضاف في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "حوار جدة الأمل لتوحيد الجهود للقضاء على ما تبقى من مشروع إيران في منطقتنا، والمجلس الانتقالي لم يحد أبدًا عن هذا الهدف ولن يحيد عنه".
"بن بريك" يشير في حديثه إلى أهمية حوار جدة بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، وضرورة أن يُفضي إلى آلية جديدة تجعل الحرب على الحوثيين في مقدمة الأولويات، واستئصال حزب الإصلاح ونفوذه وإجهاض مؤامراته التي ينفذها برعاية قطرية وتركية، بغية استهداف الجنوب والتحالف العربي.
وقد عبّر عن ذلك الناطق باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم في مقابلة مع "المشهد العربي"، قائلًا إنّ حوار جدة هو بداية لحل قادم يحقق أهداف عاصفة الحزم ويعطي الجنوبيين حقهم بإدارة مناطقهم بعيدًا عن وصاية أحزاب صنعاء ومليشياتهم الارهابية.
وبينما اتهم "هيثم" طرفًا في حكومة الشرعية بالعمل على إفشال هذه الجهود، فإنّه أكّد أنّه سينتج عنه واقع سياسي يحقق أهداف عاصفة الحزم وتطلعات الشعب الجنوبي نحو إدارة مناطقه وموارده بشكل كامل وكذا عمل مراجعة شاملة لأخطاء الشرعية والعمل على تفعيل مواجهة الحوثيين بمحافظات الشمال.
ويُفطن المجلس الانتقالي جيدًا للمحاولات الإخوانية المستمرة لإفشال الحوار، وصرّح "المتحدث": "ندرك مخاطر عقلية الهيمنة لدى الإخوان وفرعهم حزب الإصلاح وأنها هي من أعطت الحوثيين القوة لاحتلال صنعاء بسبب التخاذل المستمر بالعمليات العسكرية لقيادة الإخوان ورفضهم مواجهة الحوثيين، ونحو ومستعدون لمواجهة أي محاولة للفوضى بالجنوب".
وبينما يرى البعض أنّ محادثات جدة قد طال أمدُها، إلا أنّ ذلك يرجع إلى عراقيل تضعها حكومة الشرعية، لا سيّما بعدما تسرّب عن الاجتماعات بأنّه سيتم استئصال نفوذ حزب الإصلاح الإخواني من الشرعية وطرد مليشياته ومسلحيه من الجنوب الذي سيديره أبناؤه.
وبالنظر إلى المحاولات المستميتة لحكومة الشرعية لإفشال حوار جدة والاجتماعات التي عقدها بعض وزرائها في العاصمة العمانية مسقط مع الحوثيين، فإنّ ذلك يشير على ما يبدو بأنّ حكومة الشرعية - وهي تحت السيطرة الإخوانية - تبحث عن إعادة هيكلة شاملة، تُجنّبها الخسائر التي ستطال حزب الإصلاح من المرحلة المقبلة.