أطفالٌ منقوصة أوزانهم.. حرب حوثية أضرارها بالغة
على مدار خمس سنوات، دفع الأطفال في اليمن أثمانًا باهظة جرّاء الانتهاكات البشعة التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران.
تقرير دولي حديث كشف أنّ 92% من الأطفال المولودين في اليمن يعانون من نقص الوزن، ما يُمثّل تناقضًا صارخًا مع الأرقام العالمية البالغة 29% خلال الفترة نفسها بين 2010-2018.
وقال تقرير صادر عن منظمة الطفولة "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة: "على مستوى العالم، يعاني طفل واحد من بين كل ثلاثة أطفال دون سن الخامسة من نقص التغذية أو زيادة الوزن".
وصرّحت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور: "إذا كان الأطفال يأكلون بشكل سيئ، فإنهم يعيشون حياة سيئة.. إننا نفقد قوتنا في الكفاح من أجل إتباع نظام غذائي صحي على الرغم من الانخفاض الكبير في التقزم في البلدان الفقيرة، لا يزال 149 مليون طفل يعانون من قصور وهي حالة سريرية تعيق نمو الدماغ والجسم".
بالنسبة إلى الأطفال في سن ما قبل المدرسة باليمن، يشير التقرير إلى أنّ أرقام التقزم شديدة بشكل خاص، حيث ظهر 46% منهم في البيانات التي تم جمعها بين عامي 2013 و 2018، مقارنة بنسبة 22% على مستوى العالم خلال نفس الفترة.
وارتكبت المليشيات الحوثية الكثير من الانتهاكات ضد الأطفال، عبر سلسلة طويلة من الإجرام الطائفي الذي أغرق مئات الآلاف في أزمة إنسانية لم يرَ العالم مثلها.
ويعتبر تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال الجريمة الأكثر بشاعة في الحرب الحوثية التي استهدفت الأطفال على مدار سنوات الحرب.
وكشفت إحصاءات رسمية أنّ المليشيات الموالية لإيران جنَّدت نحو 30 ألف طفل لإشراكهم في المواجهات الدائرة خلال الحرب العبثية التي أشعلتها في صيف 2014.
وسبق أن بيّنت مصادر قبلية ومحلية في محافظة إب أنّ المليشيات شرعت في تنفيذ حملة تجنيد إجباري في ثلاث مديريات بالمحافظة بهدف ضم ثلاثة آلاف مقاتل ممن هم دون الثامنة عشرة إلى صفوف مقاتليها.
المصادر قالت إنَّ الحوثيين عمَّموا قبل شهرين على مسؤوليهم في مديريات حزم العدين، والقفر، وحبيش، إطلاق ما يسمونه "دورات تثقيفية" لفئة العمرية ذاتها، كإجراء لتجنيدهم طوعاً بناء على أفكار دخيلة، مشيرةً إلى أنّ الحملة يقودها مشرف المليشيات بالمحافظة صالح حاجب، والمشرف الأمني المدعو أبو كاظم.
وعمّم الحوثيون توجيهًا عبر مكبرات الصوت في المساجد والسيارات المتنقلة بأنّه "على كل أسرة لم يشارك أبناؤها في القتال سابقاً أن تقدم أحد أبنائها إلى مراكز التسجيل التي ستعمم على كل العزل، وفي حال الرفض ستعاقب الأسرة بغرامات مالية ومنع من الخدمات وسجن رب الأسرة بتهمة موالاة التحالف والشرعية. ولن يفرج عنه حتى يتم تنفيذ التوجيهات".
وتقول تقارير رسمية إنَّ مليشيا الحوثي دمّرت حياة أكثر من أربعة ملايين طفل، ودفعت معظمهم إلى البحث عن عمل جرّاء ظروف الحرب التي شنتها مستغلة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية للأسر، والدفع بهم إلى جبهات القتال وإغرائهم مالياً لإعالة أسرهم والالتحاق بصفوف المليشيات والزج بهم إلى محارق الموت.
وفي نهاية 2018، اعترفت المليشيات بأنّها جنّدت أكثر من 18 ألف شخص، وقد جاء ذلك على لسان قيادي حوثي كبير تحدّث لوكالة "أسوشييتد برس" التي قالت بدورها إنّ هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقًا، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال.
ونقلت الوكالة شهادات عن بعض الأطفال الذين أكدوا أنهم انضموا إلى الحوثيين وذلك بسبب الوعود بالمال أو بالفرصة لحمل السلاح، بينما آخرون وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين وتم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو أكرهوا على الانضمام مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من المعتقل.
وأكد أطفالٌ وآباءٌ ومربون وأخصائيون اجتماعيون أن سياسة الحوثيين تجاه تجنيد الأطفال "حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائمًا طوعية بالكامل".