تسريبات جدة التي أرعبت الإصلاح.. هل تتمرد الشرعية على نفسها؟

الأربعاء 16 أكتوبر 2019 21:07:00
"تسريبات جدة" التي أرعبت الإصلاح.. هل تتمرد "الشرعية" على نفسها؟

"تسريبات مشبوهة، لا اتفاق حتى الآن، لا موعد للتوقيع".. سريعًا خرج الناطق باسم حكومة الشرعية راجح بادي ببيانٍ علِّق خلاله على الأنباء المتعلقة بتوقيع اتفاق جدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة، والبنود التي نشرتها اليوم الأربعاء صحيفة الشرق الأوسط.

البداية كانت مع ما نشرته "الشرق الأوسط"، قائلةً إنَّه سيتم الإعلان غدًا الخميس عن نتائج الاتفاق النهائي لحوار جدة، ونقلت عن مصادر مطلعة قولها إنّ المسودة النهائية تشتمل على تشكيل حكومة جديدة، ولجنة خاصة مناصفة بعضوية المجلس الانتقالي والتحالف العربي لمراقبة أداء الحكومة والإشراف عليها، وإيقاف جميع الملحقين في السفارات، وإعادة هيكلة الوظائف الدبلوماسية والوكلاء في الوزارات الحكومية، وأن تودع إيرادات الدولة في البنك المركزي بعدن.

كما تضمّنت المسودة كذلك إعادة تشكيل الوضع الأمني والعسكري واعتبار المقاومة الجنوبية قوات شرعية جنوبية، وأن تتولى النخب والأحزمة الأمن في الجنوب، فيما تتولى النخبة الأمن في محافظة شبوة، بإشراف وإدارة القوات السعودية، وأن يكون المجلس الانتقالي الجنوبي شريكًا ممثلاً للجنوب في مفاوضات السلام، على أن يتم تأجيل موضوع الأقاليم حتى إنهاء الانقلاب الحوثي.

هذه البنود التي نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط" لم ترقَ إلى حكومة الشرعية التي لم يكتفِ المتحدث باسمها بنفيها، بل وصفها بـ"المشبوهة"؛ تعبيرًا عن حجم المخاوف التي تنخر في هذا الفصيل من نتائج الحوار، التي تستأصل نفوذ حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.

تعليق "متحدث حكومة الشرعية" على ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط وردت فيه عبارة "تسريبات مشبوهة"، ما يعني عدم الاعتداد بما يُنشر، لكنّه هذا الأمر حشر راجح بادي في "خانة اليك" بعدما التزم الصمت إزاء ما نشرته شبكة "الجزيرة" القطرية عن حوار جدة وما أسفر عنه.

صمت المتحدث على ما نشرته "الجزيرة" وهجومه الحادث بهذه الطريقة على ما نشرته "الشرق الأوسط" يعني أنّ حكومة الشرعية تختار ما يرقى لها وتتعامل على أساسه وفقًا لما يخدم مصالحها، وهو ما يفضح زيف توجهاتها أمام الرأي العام.

وفي الوقت الذي تشير فيه أغلب الأنباء إلى أنّ يوم غدٍ الخميس سيشهد الإعلان عن اتفاق جدة، وبالتالي علقت الآمال أن يُصلح أمر حكومة الشرعية ويتم تطهيرها من السرطان الإخواني الذي ينخر في عظامها، إلا أنّ إعلان متحدث الحكومة ألا موعدًا حتى الآن لتوقيع الاتفاق يكشف أنّه من غير المستبعد أن تكون هناك حالة تمرد داخل حكومة الشرعية بشأن ما تمّ التوصّل إليه قبل ساعات من الموعد المفترض لإعلان الاتفاق.

ويمكن فهم السبب الذي يقود "الإصلاح" لمحاولة إفشال حوار جدة بأي طريقة في تخوُّفه من استئصال نفوذه بشكل تام في مرحلة ما بعد الحوار، وبالتالي فقد عمد محور الشر القطري التركي الإخواني للعمل بشتى السبل من أجل إفشال هذا المسار.

كما أنّ إنجاز الاتفاق يمثّل خطوة بالغة الأهمية باعتباره يوجه ضربة قاصمة للمحاولات الإخوانية التي رمت إلى إشعال جمرة نار على أرض الجنوب، تسكب بعدها مليشيا الإرهابي علي محسن الأحمر بنزين العداء والكراهية.

وعبر تحشيد إرهابي مسلح، وحملات إعلامية ونفسية شيطانية، حاول المعسكر الإخواني بتنسيق وأوامر مباشرة من دولة قطر إفشال محادثات جدة، وقد ظهر ذلك جليًّا في تعامل حكومة الشرعية مع دعوات المملكة، عندما رفضت الدعوة الأولى في أغسطس، وتعاملت بتناقض صارخ مع الدعوة الثانية في سبتمبر.