التحرير الكاذب.. هل يغسل المقدشي سُمعة الشرعية الملوثة؟
"نخوض معركة التحرير ضد المليشيات الحوثية والمشروع الفارسي، نحاصر الانقلابيين في الحديدة، ونقف على أبواب صنعاء".. أي "تصنُّع" ذلك الذي ابتدعه وزير دفاع حكومة الشرعية محمد المقدشي، ملقيًّا حجر جديد من الكذب، وهو يخدع الجميع بحديث واهم عن معاداة نظامه للحوثيين.
المقدشي لم يفوِّت حفل تخريج دفعات جديدة من دورات مهارات قتالية بمعسكر النصر التدريبي بمحافظة مأرب، دون أن يواصل أكاذيبه المفضوحة، مدعيًّا أنّ حكومة الشرعية تحارب الحوثيين، بينما الحقيقة أنّ هذا الفصيل ارتمى في أحضان المليشيات، عبر تعاون وتنسيق يدر عليهم الكثير من المصالح العسكرية والمالية.
حديث وزير دفاع الشرعية عن الوقوف على أبواب صنعاء هي متاجرة كاذبة ليست جديدة على المقدشي الذي اعتاد على هذا الأمر، لكنّه كان قد أفصح عن خبْث نواياه قبل أكثر من عام عندما أكّد أنّ قواته "المليشيات الإخوانية" لن تدخل صنعاء لكنّها ستحاصرها فقط.
حديث المقدشي "القديم" تم التعبير عنه مؤخرًا بخطوة على الأرض، وتجلّى ذلك في حشود إخوانية وصلت من مأرب وتعز، لم تتوجّه إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية، لكنّ بوصلتها كانت صوب الجنوب، ضمن عدوان إخواني مستمر يقوده الإرهابي علي محسن الأحمر، بينما المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية جمّدت الجبهات أمام الحوثيين.
المقدشي نفسه، كان قد وجّه في أغسطس الماضي، رسالة للمليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية بالاستمرار في ارتكاب المجازر ضد الجنوبيين في العاصمة عدن.
المقدشي استخدم لهجةً حادةً في توجيهات لبعض الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الشرعية، والتي تخضع لنفوذ حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، متسترًا وراء معاني الاستقرار المزعومة، بينما لم تخلُ عباراتُه من أوامر بالاستمرار في استهداف الجنوبيين.
وفي الوقت الذي يدعي فيه المقدشي محاربة الحوثيين، فإنّ حكومة الشرعية تواصل التقارب مع المليشيات الانقلابية في السر والعلن، وهناك الكثير والكثير من الأدلة التي فضحت هذه العلاقة سيئة السمعة، والتي كان آخرها طلب وجّهته حكومة الشرعية لمارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة، للسماح لتجار من القطاع الخاص لتزويد المناطق التي تحت سيطرة المليشيات الحوثية بالوقود.
وفد حكومة الشرعية لدى الأمم المتحدة طلب من وكيل الأمين العام، بشكل مباشر السماح لشركات تابعة لرجل الأعمال أحمد العيسي، المعروف بعلاقاته القوية مع قادة "الشرعية"، وفي مقدمتهم الإرهابي علي محسن الأحمر، من أجل تزويد مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين بالوقود.
وبينما توارى قادة حزب الإصلاح وراء مصطلح الشرعية الزائف، إلا أنّ الحقيقة قد تبيّنت أمام جميع الأطراف، وكيف تعمل حكومة الشرعية على التعاون والتنسيق مع المليشيات الحوثية على مختلف وجميع الجبهات، فيما تحاول غسل سمعتها السيئة عبر سلسلة من التصريحات الكاذبة التي لم تغسل "العار" الذي يطارد هذا الفصيل.
التعاون والتنسيق بين إخوان الشرعية والمليشيات الحوثية لا يقتصر على المجال الاقتصادي حسبما فضحت الرسالة الحكومية إلى الأمم المتحدة، لكنه تطرَّق إلى مختلف المجالات؛ تأكيدًا على حجم المصالح المتبادلة بينهما، وهو ما كبَّد التحالف العربي مسؤولية تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا بعد كل هذه الخيانات الإخوانية.
فمن بين أحدث حلقات هذا التقارب، اتفق حزب الإصلاح، المخترق لحكومة الشرعية، مع المليشيات الحوثية على وقف العمليات العسكرية بشكل رسمي من خلال الحديث عن ضرورات إنسانية، وفيما يتعلق بالحديث عن فتح طريق الحوبان الحوض شمالًا وطريق غراب بيرباشا غربًا.
الاتفاق ينص على أن تعلن مليشيا الحوثي فتح الطرق ونزع الألغام مقابل إعلان قوات "إخوان الشرعية" في تعز وقف العمليات العسكرية في جبهات مسار الطرقات التي سيتم فتحها، كما يتضمّن الاتفاق فتح طريق الحوبان جولة القصر الحوض شمالاً وطريق الغرب غراب الأربعين غربًا، ما يعني إيقاف "الإصلاح" العمليات العسكرية بشكل معلن ورسمي من قبل قوات الشرعية في تعز وانتهاء ما تسمى بمعارك تحرير تعز والتي يتغنى بها "الإصلاح".
الاتفاق الحوثي الإخواني لوقف العمليات الحربية في تعز سيقتصر على جبهات المدينة، بينما ستكثف المليشيات من وجودها في جبهات محسوبة ضمن مسرح عمليات اللواء 35 مدرع في الصلو والكدحة والأقروض وغيرها.
محافظة تعز كانت قد شهدت مؤخرًا، لقاءات مكثفة بين القيادات الحوثية والإخوانية، حسبما كشفت مصادر "المشهد العربي" التي قالت إنّ مليشيا الحوثي عرضت على حزب الإصلاح المساعدة في مواجهة القوات المسنودة من التحالف العربي، وقد جاء هذا العرض عبر القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي .
وأوضحت المصادر أنّ الحوثيين زوَّدوا الإصلاح في تعز بمعلومات تزعم أن القوات المسنودة من التحالف تستعد للسيطرة على تعز, وعرضت على الإصلاح التعاون ضد ذلك، وأشارت إلى أنَّ القيادي الحوثي المعين محافظًا لتعز أجرى اتصالات مع القيادي الإخواني المدعو عبده فرحان المعروف باسم "ابو سالم" عبر تطبيق "واتسآب" قبل أن يرسل إليه وفدًا حوثيًّا دخل من المنفذ الشمالي للمدينة حيث أجريا مباحثات.