محادثات سلام في الكويت.. دعوة ثانية تبحث عن حل يمني تائه
من جديد، عادت دولة الكويت تتحدّث عن استعدادتها لاستضافة محادثات حل الأزمة اليمنية القائمة، لتضيف خطوة جديدة على طريق جهودها في هذا الصدد.
مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي أكّد استعداد بلاده لاستضافة جولة مفاوضات جديدة بين الأطراف اليمنية، بالتعاون مع الأمم المتحدة؛ للتوصل إلى اتفاق شامل ونهائي لهذه الأزمة اليمنية.
وقال في كلمة بلاده بجلسة مجلس الأمن حول اليمن، أمس الخميس، إنَّ الحل لهذه الأزمة يأتي وفقًا للمرجعيات الثلاثة المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيّما القرار 2216.
وأضاف: "حملت إحاطة مبعوث الأمم المتحدة لليمن مؤشرات حول وجود أجواء إيجابية للدفع قدمًا في مسار عملية السلام اليمنية إضافة لحدوث تقدم محدود الأثر حيال تنفيذ اتفاق ستوكهولم رغم مرور نحو 10 أشهر على دخوله حيز النفاذ والذي كان الجمود هو المتسيد على معظم تلك الفترة الزمنية".
وأشار العتيبي إلى أنّ الشأن اليمني حظي خلال الأسبوع الرفيع المستوى للدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة باهتمام واضح من المجتمع الدولي دفع خلالها بضرورة إعلاء دور الحل السياسي كإطار أوحد للأزمة.
وتابع: "لعل أبرز تلك التفاعلات الدولية جاءت من خلال الاجتماع الوزاري حول اليمن والذي شاركت الكويت برئاسة أعماله الى جانب المملكة المتحدة والسويد والذي خرج بإعلان ارتكز في جملة مضامينه المتعددة على وصف اتفاق ستوكهولم بحجر الزاوية في عملية السلام اليمنية وتنفيذ اتفاق الحديدة"، موضحًا أنّ ذلك يأتي من خلال مشاركة الأطراف اليمنية بشكل بناء مع مقترحات الأمم المتحدة في شأن الترتيبات الأمنية والتي ستسمح بإعادة انتشار القوات وتحقيق آلية الرصد الثلاثية وكذلك الى أهمية تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين.
وأكد أهمية إدانة الهجمات التي نفذتها مليشيا الحوثي على المنشآت المدنية والمدنين في المملكة العربية السعودية وضرورة وقفها دون شروط مسبقة.
إنسانيًّا، أعرب العتيبي عن ارتياحه لعودة الوكالات الإنسانية لأنشطتها في العديد من المناطق نتيجة لتزايد نسبة التمويل لخطة الإستجابة الإنسانية لعام 2019، وقال إنّ تعهدات الكويت في مسار دعم أنشطة الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن منذ بدء الأزمة هناك بلغت نحو 600 مليون دولار تم تسليم 350 مليون دولار منها للوكالات والمنظمات الدولية والأجهزة الإغاثية.
وأكد المسؤول الكويتي ضرورة عدم وضع العوائق أمام تدفق مسارات المساعدات الإنسانية وعلى أهمية التعاون مع الوكالات الإنسانية وعلى رأسها برنامج الاغذية العالمي.
تعاطي الكويت مع مجريات الأزمة في اليمن، وإعلانها الاستعداد لاستضافة جولة محادثات سلام تأتي للمرة الثانية خلال أيام قليلة، إذا كانت قد أعلنت في نهاية سبتمبر الماضي، استعدادها لاستضافة محادثات تجمع بين من وصفتهم بـ"فرقاء الأزمة اليمنية" للبحث عن حلّ سياسي للأزمة المستعرة منذ خمس سنوات.
الدعوة الماضية جاءت على لسان رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الصباح في كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، حيث قال إنّ بلاده تعرب عن استعدادها لاستضافة "اليمنيين" لعقد جولة مشاورات أخرى في دولة الكويت تحت رعاية الأمم المتحدة.
وصرّح المبارك بأن استمرار الأزمة اليمنية يبقى علامة بارزة على واقع كيفية التعاطي مع قرارات ومخرجات مجلس الأمن ذات الصلة، وأضاف: "رغم عودة استئناف المفاوضات بين أطراف الأزمة والتوصل إلى اتفاق استوكهولم نهاية العام الماضي إلا أن الجمود واستمرار حالة عدم التنفيذ ظل هو المسيطر على المشهد".
وأكد موقف الكويت أنه لا حل عسكريًّا لهذه الأزمة، مشيرًا إلى دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة في تيسير العملية السياسية، وأكّد أن الحوار الذي تدعمه الكويت مبني على المرجعيات الثلاث، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2216، لإنهاء هذه الأزمة وبما يحافظ على أمن واستقرار اليمن ووحدة أراضيه.
كما دعا النظام الإيراني لاتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة للبدء في حوار مبني على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتخفيف حدة التوتر في الخليج والحفاظ على سلامة الملاحة البحرية وبما يساهم في إرساء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل وبما يعكس التطلعات المستقبلية لجميع دول المنطقة في حياة يسودها الأمن والاستقرار وبما يحقق الرخاء والتنمية لشعوبها.
الكويت نفسها كانت قد استضافت مشاورات سلام يمنية برعاية الأمم المتحدة في إطار المساعي الدولية لإنهاء هذه الأزمة في الفترة ما بين 21 أبريل 2016 وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر، وقد تمّ تعليقها في السادس من شهر أغسطس من العام نفسه دون التوصل إلى نتائج ملموسة.
دعوة الكويت "المتكررة" لاستضافة محادثات سلام لتحريك الجمود السياسي في الأزمة الراهنة يمكن اعتبارها بمثابة اعتراف بشكل غير مباشر بفشل اتفاق السويد الذي تمّ التوصّل إليه في ديسمبر 2018 بين حكومة الشرعية والمليشيات الحوثية برعاية الأمم المتحدة، لكنّ الانقلابيين نجحوا في إجهاض فرص الحل السياسي بشكل كامل عقب تنفيذ أكثر من 11 ألف خرق لبنوده.
وبعيدًا عن أنّ الوساطة الكويتية والرعاية الأممية لها لا تزال في بداية الطريق، لكنّ الحديث عن أي محاولة للتوصُّل إلى حل سياسي يلزمه العمل على إجبار المليشيات الحوثية للسير في هذا الإطار وعدم تقويض فرص التسوية السياسية.
ومع دخول الحرب عامها الخامس ووصول الأزمة إلى مرحلة شديدة التعقيد وبلوغ الوضع الإنساني ترديًّا لم يرَ العالم مثله، بات لزامًا على الأمم المتحدة العمل وبشكل فوري العمل على استخدام كافة صنوف الضغط على المليشيات الحوثية من أجل التوصُّل إلى حل سياسي حقيقي لا يكون شبيهًا بمجريات اتفاق السويد، الذي أصبح لا تستحق كلماته قيمة الحبر الذي كُتِبت به.