قراءة ميدانية.. بطولات الجنوبيين تغيِّر المعادلة العسكرية في الضالع
في الوقت الذي يتصدّى فيه الجنوب لمؤمرات المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية على أرضه وشعبه، تواصل القوات المسلحة الجنوبية تسطير بطولات ملحمية أمام المليشيات الحوثية، في مواجهة مشتعلة على مدار أكثر من عشرة أيام.
محافظة الضالع، وتحديدًا جبهة الفاخر، هي عنوان المواجهات، وقد شهدت جبهاتها أمس الخميس، متغيرات ميدانية جديدة تمثَّلت بتغييرات ميدانية في خارطة المواجهات العسكرية بين القوات الجنوبية التي عززت من صفوف تواجدها النوعي بالفاخر ومحيطها في وقت تبادلت إطلاق النار والاشتباك مع المليشيات الحوثية بشكل متقطع في مختلف الجبهات.
القوات الجنوبية استطاعت تحقيق تقدُّم ميداني في حبيل العبيدي وبلدة مرخزة واطراف بلدة صبيرة في عمليات عسكرية متقدمة، أشارت إلى قرب تغيير قواعد المعركة العسكرية هناك، وترجيح الكفة لصالح القوات الجنوبية، التي أحرزت تقدمًا هو الأكبر منذ بداية المعارك.
في الوقت نفسه، نجحت القوات الجنوبية في أسر قيادي حوثي بارز في عملية عسكرية استباقية نفذتها وحدات خاصة داخل منطقة سيطرة العدو شمال غربي الضالع.
في المقابل، يسود ارتباكٌ كبيرٌ على المليشيات الحوثية، بعد الهزائم المدوية التي تُمنَى بها في هذه الآونة على يد القوات الجنوبية، في الضالع.
وفي وقتٍ سابق، كشفت مصادر ميدانية لـ"المشهد العربي"، أنّ المليشيات الحوثية لجأت إلى تصفية ميدانية للعديد من عناصرها الذين فرّوا من الميدان، خوفًا من البطولات التي تُسطِّرها القوات الجنوبية، وقد حدث ذلك تحديدًا بعدما انكسرت المليشيات في منطقة سائلة رهادة في المثلث الفاصل بين مديريات الحشاء وقعطبة والضالع.
المصادر أضافت أنَّ المليشيات الحوثية قامت بتصفية 30 متحوثًا من أبناء المناطق القريبة بتهمة الفرار، وأغلب هؤلاء العناصر من دمت والحشاء والعود، حيث لا يزال مصير الكثير من أبناء المديريات الثلاث مجهولًا، وهم الذين زجَّت بهم المليشيات الحوثية في معاركها الأخيرة بجبهة غرب الضالع.
كما أشارت المصادر إلى أنّه من غير المستبعد تمامًا أن تكون المليشيات الحوثية قد أقدمت على تصفيات ميدانية للكثير من العناصر التي زجت بها للقتال بحجة الفرار من المعركة.
ما يمكن اعتباره "جنونًا حوثيًّا" تجلّى كذلك فيما يتعلق بممارسات المليشيات على الأرض، حيث قامت عناصر الحوثي بتفجير الجسر الرابط بين منطقة حمام مرخره و حبيل السماعي على الخط العام الرابط بين محافظتي الضالع وإب، مساء اليوم الخميس.
حالة الرعب والجنون التي يعيشها الحوثيون، جاءت نتيجة للهزائم المتلاحقة التي منيت بها خلال الأيام الماضية على يد القوات الجنوبية المرابطة في جميع الجبهات.
تعاظم وتعدُّد الانتصارات الجنوبية على الحوثيين في بضعة أيام قليلة كشف الكثير من الحقائق على الأرض، أهمها حجم الوهن في معسكر حكومة الشرعية بعد اختراقها إخوانيًّا، وأنّها سببٌ رئيسٌ في تأخُّر حسم التحالف العربي للحرب على المليشيات، بعدما انخرط "الإصلاح" في تحالف مروّع مع الانقلابيين.
وعلى مدار سنوات الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014، توارى قادة "إخوان الشرعية" وراء هذه الحالة من أجل أن يبرروا وجودهم ونفوذهم، بل وعملوا كذلك على تكوين ثروات مالية طائلة، عبر أعمال نهب وفساد طائلة ضاعفت من الأزمة الإنسانية، ودعّمت الحرب الحوثية بشكل غير مباشر.
ما يحدث على الأرض يبرهن على أنّ حكومة الشرعية مستفيدة من الوضع الراهن، وتسعى لإطالة أمد الحرب؛ إدراكًا منها أنّ بقاءها في السلطة مرهونٌ باستمرار العبث الراهن، وأن الحرب الحوثية ضمانة لأن يكوِّن لقادتها هذا الثراء الفاحش.
الطرف الأهم في هذه المعادلة هو التحالف العربي، الذي أصبح مطلعًا على كافة التفاصيل الدقيقة لما يجري من أحداث، وبات على قناعة كاملة بأنّ حكومة الشرعية تتحمّل مسؤولية مباشرة عن إطالة أمد الحرب، بينما تعتبر القوات المسلحة الجنوبية شريكٌ أساسي في خندق الحرب على المليشيات الحوثية.
ولا شك أنّ هذه المعادلة ستفرض نفسها طرفًا رئيسيًا في حوار جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية بعد عدوان مليشيا الإصلاح على الجنوب في الفترة الأخيرة، وهو حوارٌ سيُفضي إلى استئصال منتظر لنفوذ الحزب الإخواني من المشهد برمته.