دلالات الصفقة النوعية بين الحوثي والإصلاح.. هل لـاتفاق جدة علاقة؟
"لماذا الآن؟، لماذا هؤلاء؟".. أحدث الأسئلة العديدة التي أطلت برأسها بعد إتمام صفقة لتبادل المعتقلين بين المليشيات الإخوانية ونظيرتها الحوثية، والتي انضمت إلى التعاون ذي السمعة السيئة بين هذين الفصيلين الإرهابيين، مُشكِّلةً تطورًا نوعيًّا في هذه العلاقات.
مليشيا الحوثي أفرجت في الساعات الماضية، عن عشرة عناصر إخوانية بينهم خمسة كانوا معتقلين منذ نحو ثماني سنوات على خلفية محاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في تفجير جامع النهدين عام 2011.
وتضمنت قائمة العشرة المفرج عنهم، عبدالله سعد الطعامي، ومحمد أحمد علي عمير، وغالب العيزري، وإبراهيم احمد الحمادي، وشعيب محمد البعجري، وحباري الاعوج، وحصن علي الاهجري، وهلال عكروت، وفواد الكبودي، وصالح علي أحمد البهلوي.
فيما أفرجت المليشيات الإخوانية عن 14 حوثيًّا، هم عبدالله محمد محمد المزيجي، ونايف محمد حميد صالح النجار، ويحيى محمد مصلح صالح المغربي، وعبدالحميد عبدالله حسين عامر، وعبدالقادر محمد إسماعيل عثمان الوزير، وعلي علي حسين علي صالح البحر، وحامد محمد سعد علي المنتصر، وبدر علي محمد حصن، وصلاح سعد صالح علي العفيري، وعز الدين يحيى بازل، وفارس محمد فارس الحمزي، وهاشم المتوكل، وعلي صالح الصوفي، ومحمد علي السراجي.
هذا التطور النوعي في العلاقات الحوثية الإخوانية، وفي هذا التوقيت بالذات، يحمل الكثير من الدلالات، ولا يمكن فصل المستقبل السياسي الذي ينتظر حزب الإصلاح، المُخترِق لحكومة الشرعية، في المرحلة المقبلة، والذي باتت أيامه معدودة، بعد اكتشفت فضائحه على الملأ، لا سيّما في ظل قرب الإعلان عن اتفاق جدة، والذي سيتضمن استئصالًا للنفوذ الإخواني بشكل كامل.
إزاء ذلك، فإنّ حزب الإصلاح عمد إلى توطيد علاقته مع المليشيات الحوثية بالحد الذي وصل إلى إتمام صفقة من هذا الحجم، وقد عبَّر عن ذلك الناشط السياسي ياسر اليافعي الذي وضع في مستهل تعليقه، تساؤلًا قال فيه: "لماذا اختار الحوثي تنفيذ صفقة تبادل أسرى مع حزب الإصلاح بينهم متهمين بقتل قيادات رفيعة في نظام علي عبدالله صالح وتفجير جامع النهدين في قصر الرئاسة في العام 2011".
وأجاب اليافعي على هذا التساؤل بالقول - في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "يبدو أن التنسيق الحوثي الإخواني وصل مراحل متقدمة جدًا، ولم يتبقَ إلا الإعلان عنه رسميًّا.. الهدف من كل ذلك إفشال مساعي التحالف العربي لتقريب وجهات النظر وتوحيد الصف ضد الحوثي في هذه المرحلة".
وأضاف: "هكذا دائمًا حزب الإصلاح يحترم من يلطمه، ويتنمر على من يقدر وضعه لذلك سيظل حزب الفشل ولن ترى اليمن خيرًا وهو موجود على رأس السلطة".
اليافعي يشير في حديثه إلى مساعٍ إخوانية بأوامر قطرية، لإنقاذ محور الشر المتمثل في الحوثي والإصلاح، لا سيّما أنّ الاتفاق الذي ترمي إلى محادثات جدة يهدف في المقام الأول إلى تشكيل جبهة حقيقية تواجه المليشيات الحوثية، عبر التحالف العربي والقوات الجنوبية، وحكومة تمثّل الشمال خالية من الإرهاب الإخواني الذي عرقل الحرب لصالح الانقلابيين.
وبينما توارى قادة حزب الإصلاح وراء مصطلح الشرعية، إلا أنّ الحقيقة قد تبيّنت أمام جميع الأطراف، وكيف تعمل حكومة الشرعية على التعاون والتنسيق مع المليشيات الحوثية على مختلف وجميع الجبهات، فيما تحاول غسل سمعتها السيئة عبر سلسلة من التصريحات الكاذبة التي لم تغسل "العار" الذي يطارد هذا الفصيل.
التعاون والتنسيق بين إخوان الشرعية والمليشيات الحوثية تطرَّق إلى مختلف المجالات؛ تأكيدًا على حجم المصالح المتبادلة بينهما، وهو ما كبَّد التحالف العربي مسؤولية تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا بعد كل هذه الخيانات الإخوانية.
ومن بين أحدث حلقات هذا التقارب، اتفق حزب الإصلاح، المخترق لحكومة الشرعية، مع المليشيات الحوثية على وقف العمليات العسكرية بشكل رسمي من خلال الحديث عن ضرورات إنسانية، وفيما يتعلق بالحديث عن فتح طريق الحوبان الحوض شمالًا وطريق غراب بيرباشا غربًا.
الاتفاق نصّ على أن تعلن مليشيا الحوثي فتح الطرق ونزع الألغام مقابل إعلان قوات "إخوان الشرعية" في تعز وقف العمليات العسكرية في جبهات مسار الطرقات التي سيتم فتحها، كما يتضمّن الاتفاق فتح طريق الحوبان جولة القصر الحوض شمالاً وطريق الغرب غراب الأربعين غربًا، ما يعني إيقاف "الإصلاح" العمليات العسكرية بشكل معلن ورسمي من قبل قوات الشرعية في تعز وانتهاء ما تسمى بمعارك تحرير تعز والتي يتغنى بها "الإصلاح".
الاتفاق الحوثي الإخواني لوقف العمليات الحربية في تعز يقتصر على جبهات المدينة، بينما تكثف المليشيات من وجودها في جبهات محسوبة ضمن مسرح عمليات اللواء 35 مدرع في الصلو والكدحة والأقروض وغيرها.
محافظة تعز كانت قد شهدت مؤخرًا، لقاءات مكثفة بين القيادات الحوثية والإخوانية، حسبما كشفت مصادر "المشهد العربي" التي قالت إنّ مليشيا الحوثي عرضت على حزب الإصلاح المساعدة في مواجهة القوات المسنودة من التحالف العربي، وقد جاء هذا العرض عبر القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي .
وأوضحت المصادر أنّ الحوثيين زوَّدوا الإصلاح في تعز بمعلومات تزعم أن القوات المسنودة من التحالف تستعد للسيطرة على تعز, وعرضت على الإصلاح التعاون ضد ذلك، وأشارت إلى أنَّ القيادي الحوثي المعين محافظًا لتعز أجرى اتصالات مع القيادي الإخواني المدعو عبده فرحان المعروف باسم "سالم" عبر تطبيق "واتسآب" قبل أن يرسل إليه وفدًا حوثيًّا دخل من المنفذ الشمالي للمدينة حيث أجريا مباحثات.
ولفتت مصادر "المشهد العربي" إلى أنَّ القيادي الحوثي المشرف الأمني للمليشيات في شرعب المدعو علي القرشي عقد لقاءات مع قيادات إصلاحية في منطقة حذران غربي مدينة تعز.
تكثيف العلاقات سيئة السمعة بين الحوثي والإصلاح، هو امتدادٌ لذلك الإرهاب الذي يجمع بينهما، وهو إرهاب استهدف التحالف العربي والجنوب، ودعّم محور الشر الثلاثي، المتمثّل في إيران وقطر وتركيا.