شرعية فاسدة يحكمها الهذيان.. ماذا وراء قرار تعيين بن دغر مستشارًا لهادي؟
"في 15 أكتوبر 2018، إقالة أحمد عبيد بن دغر من رئاسة الحكومة وإحالته للتحقيق.. في 23 أكتوبر 2019، تعيين بن دغر مستشارًا رئاسيًّا".. قراران الفارق بينهما عام واحد، أصدرهما الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، الأول صدر بعد اتهام بن دغر بالفساد، والثاني أثار الكثير من الجدل وفرض الكثير من علامات الاستفهام.
هادي أصدر اليوم الأربعاء قرارًا بتعيين بن دغر مستشارًا له بالتزامن مع مرور عام من قرار إقالته من رئاسة الحكومة وإحالته للتحقيق، وقد أرجع هادي قراره إلى "الإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية"، وهو ما أدّى إلى انهيار العملة والتردي الاقتصادي.
بن دغر أقيل من منصبه بعدما استشرى الفساد في هيكل حكومة الشرعية، تاركًا وراءه منظومة فاشلة أغرقت حكومة الشرعية وفضحت عبثها على الملأ، حيث بلغت الصرفيات المعتمدة من رئاسة الوزراء أثناء حقبة بن دغر أكثر من خمسة مليارات ريال، صرفت بتعدٍ على الصلاحيات وبدون رقابة تذكر.
ومستغلًا قربه من دغر، شكّل حسين منصور أثناء توليه أمانة مجلس الوزراء، حلقة هامة من حلقات الصرفيات الحكومية غير القانونية، وشارك بتمرير أو عرقلة وظائف ورواتب في وزارة المالية دون أي اعتبار للكفاءة أو للتوجيهات النافذة من جهات عليا، مقابل إتاوات ورشاوي يحصل عليها.
وبالتالي، فإنّ تعيين هادي لمن هو متهم بالفساد، وهو "بن دغر"، يمثّل تأكيدًا جديدًا لضخامة حجم الفساد الذي أصبح "غولًا" يلتهم الأموال دون الاكتراث بالأعباء الإنسانية للسكان جرّاء الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية.
وبالنظر إلى توقيت قرار هادي، فإنّ إعادة بن دغر إلى منظومة الشرعية في المجمل يثير الكثير من التساؤلات لا سيّما فيما يتعلق بقرب التوقيع على اتفاق جدة، ما يعني أنّ هذه الخطوة من غير المستبعد أن تكون مرتبطةً بما سيُفضي إليه محادثات جدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية.
ومعروف عن "بن دغر" معاداته لمطالب القضية الجنوبية، كما أنّ يديه ملوثة بدماء علماء حضرموت الذين تم سحلهم وقتلهم بعد الاستقلال الأول للجنوب عندما كان بن دغر يساريًّا متطرفًا، ما يعني أنّ إعادته للمشهد من جديد قد لا تنفصل عن مؤامرة المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية ضد الجنوب.
وانهالت ردود الأفعال عقب قرار تعيين بن دغر مستشارًا لهادي، حيث قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالأمانة العامة، للمجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح: " يعين أحمد بن دغر مستشاراً للرئيس ويحال للتحقيق وينشر القرار في الجريدة الرسمية التي لا تصدر.. قرار جمهوري يحكي عن هذيان شرعية".
وعقّب الناشط السياسي ياسر اليافعي على القرار قائلًا: "بن دغر عندما اجتاح الحوثي عدن كان يضحك ويؤيد ذلك الاجتياح مثله مثل الجبواني بل أيدوا طرد هادي من صنعاء وعدن.. اليوم هادي يمكنهم من مفاصل الدولة وهم من أهانه وسخر منه وحتى بعد تمكينهم فشلوا ومازال متمسك بهم".
وقال عضو الجمعية الوطنية الجنوبية، وضاح بن عطية: "بن دغر تم إقالته من رئاسة الحكومة وذكر قرار العزل أن الفشل والإهمال سبب الإقالة وزاد في القرار إحالته إلى التحقيق وبعد أشهر يصدر قرار بتعيينه مستشار الرئيس.. يفترض أن يحال هادي ومن معه إلى مصحة الأمراض النفسية".