اتفاق جدة وحرب المرحلة.. الاستراتيجية التي نجح فيها الجنوب
"ذهبنا للحوار لجديته في توحيد الجهود للقضاء على مشروع إيران، وهو هدفنا في هذه المرحلة".. رسالة واضحة عبّرت عن استراتيجية المجلس الانتقالي في هذه المرحلة، عبّر عنها خلال مشاركته في المحادثات التي استضافتها مدينة جدة السعودية، مع حكومة الشرعية.
المجلس الانتقالي، شارك في محادثات جدة، بعد عدوان المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية على الجنوب، تقديرًا للمملكة العربية السعودية والعمل على إتاحة الفرصة لضبط البوصلة التي شوّهتها "الشرعية".
التوصُّل لاتفاق بشأن محادثات جدة، وهو ما تمّ بالفعل مساء أمس الخميس بعد التوقيع على المسودة، مع التوقيع قريبًا على الاتفاق نهائيًّا في العاصمة السعودية الرياض، يُمثّل الخطوة الأهم من أجل ضبط بوصلة الحرب على الحوثيين، لا سيّما أنّ "إخوان الشرعية" عملوا طوال الفترة الماضية على عرقلة الحرب، من خلال تجميد جبهات مهمة أمام الحوثيين وتسليم مواقع استراتيجية للمليشيات وهو ما أطال أمد الحرب.
وسبق أن عبّر عن ذلك نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك الذي أكّد أنّ استراتيجية المجلس في المرحلة الراهنة تتمثل في توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني، عندما قال: "الانتقالي ذهب للحوار لجديته في توحيد الجهود للقضاء على مشروع إيران، وهو هدف الانتقالي في هذه المرحلة".
لم يكن هذا هو الدليل الوحيد على تناغم استراتيجيات الجنوب مع التحالف العربي، حيث أثبتت الأيام الماضية أنّ القوات الجنوبية تقف في خندق واحد مع التحالف العربي في الحرب على المليشيات الحوثية، خلافًا لنظام الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي الذي تستّر وراء عباءة الشرعية وارتمى في أحضان الانقلابيين.
العدوان الإخواني على الجنوب الذي استعر أكثر في الأسابيع الأخيرة قد كشف الكثير من الحقائق على الأرض، ولعل هذه الحقائق هي وضوح الرؤية كاملة أمام التحالف العربي، بين المرابطين على الجبهات في خندق واحد مع التحالف، وهم القوات المسلحة الجنوبية، وأولئك الذين تواروا وراء عباءة الشرعية، وارتموا في أحضان المليشيات الحوثية ليطعنوا التحالف من الظهر، وهم المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية.
أحد الجوانب المضيئة أيضًا تمثّلت في انتصارات القوات المسلحة الجنوبية على الحوثيين في محافظة الضالع لا سيما على جبهة الفاخر، وهي بطولات لا شكّ أنّها تُعلي من شأن القضية الجنوبية، وتضيف فضائح على فضائح حكومة الشرعية المختَرقة من قِبل حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
كل هذه الحقائق تجلّت بشكل واضح أمام الطرف المهم في المعادلة وهو التحالف العربي، الذي أدرك الآن بواطن الأمور، وكما يُقال "أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي"، فبات على التحالف تغيير المعادلة بشكل تام، لا سيّما فيما يتعلق بالدعم الذي يقدمه لحكومة الشرعية، التي استغلت هذا الدعم بأسوأ ما يكون، وارتمت في أحضان المليشيات الحوثية وطعنت التحالف العربي من الظهر.
يُشير كل ذلك إلى أنّ مرحلة ما بعد اتفاق جدة تشهد ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، وهي ستكون خسارةً فادحة لحكومة الشرعية، التي استفادت من إطالة أمد الأزمة، وحقّقت مكاسب سياسية ومالية، أصبحت مهددة بفقدانها أقرب من أي وقت مضى.