خسائر سياسية ومالية وعسكرية.. كابوس جدة الذي يطارد إخوان الشرعية
لن يكون اتفاق جدة الذي تمّ التوقيع على مسودته بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية مجرد اتفاق سياسي، بقدر ما يمثل "كابوسًا أسود" يطارد إخوان الشرعية، ليل نهار.
الاتفاق يُمثِّل نقطة تحول شديدة الأهمية في الحرب على المليشيات الحوثية، حيث يضبط بوصلة الحرب التي شوّهها حزب الإصلاح الإخواني، بعد اختراقه لحكومة الشرعية، وهو ما سيمثّل صفعة عسكرية كبيرة تنال من المليشيات الإخوانية.
وعلى مدار سنوات الحرب، استطاع حزب الإصلاح أن يُحوِّل حكومة الشرعية لما تُشبه معسكرات إرهابية، بعدما ارتمى في أحضان المليشيات الحوثية، وتعاون مع تنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة، في عدوانه الذي لم يستهدف الجنوب وحسب بل عمد كذلك إلى النيل من التحالف العربي، عبر تجميد جبهات في مواجهة الحوثيين من جانب، أو تسليم المليشيات مواقع استراتيجية أخرى.
اتفاق جدة يعد تحرُّكًا حاسمًا من قبل التحالف العربي لضبط بوصلة الحرب، لا سيّما فيما يتعلق بالسيطرة الإخوانية على مفاصل قوات الشرعية، وهو حتمًا أمرٌ لن تقبله قيادة التحالف في مرحلة ما بعد الاتفاق؛ وذلك إدراكًا من المملكة العربية السعودية بأنّ استمرار هذا العبث يعني عدم حسم المعركة مع المليشيات الحوثية.
في الوقت نفسه، فإنّ كافة الأطراف وفي مقدمتها التحالف العربي بقيادة المملكة باتت على قناعة كاملة بخطورة استمرار نفوذ حزب الإصلاح في حكومة الشرعية، وأنّ استئصاله سياسيًّا أصبح خطوة لازمة بعدما أصبح شغله الشاغل، صناعة الكراهية تارةً ضد الجنوب، وتارةً ضد الإمارات، حتى السعودية فقد نالها ما نالها من هذه السياسة الإخوانية.
قادة حزب الإصلاح الإخواني قاموا كذلك، وهم متسترون وراء مصطلح الشرعية، بارتكاب الكثير من جرائم الفساد، حتى كوّنوا ثروات مالية طائلة، ولا شك أنّ إقرار اتفاق جدة لبند الرقابة والمحاسبة والشفافية سيقضي هذا الجُرم الكبير.
عند الحديث عن فساد حكومة الشرعية، فإنّ الإرهابي علي محسن الأحمر يطل برأسه سريعًا، باعتباره سرطانًا نخر في كافة المؤسسات واستطاع تكوين ثروات مالية طائلة جرّاء ذلك، فيما جاء الدور حاليًّا على محاولة إتلاف المستندات التي تفضح فسادهم.
مصادر موثوقة كشفت في وقتٍ سابق لـ"المشهد العربي"، أنّ عبد الله العليمي مدير مكتب الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، والإرهابي علي محسن الأحمر نائب هادي، وناصر وجلال، نجلي هادي، قاموا بسحب مبالغ مالية كبيرة من أرصدة البنك المركزي بالخارج.
وأضافت المصادر أنّ هناك محاولة يقوم بها مسؤول كبير في البنك المركزي، عاد مؤخرًا إلى العاصمة عدن ويدعي أنه جنوبي، لكنَّه عاد لسحب وإتلاف جميع المستندات التي تدين صرفيات "الإخوان" غير القانونية.
ولعل أحدث الأدلة التي فضحت الفساد في حكومة الشرعية، كان قرار هادي بتعيين أحمد عبيد بن دغر مستشارًا له، على الرغم من قرار إقالته قبل عام بعد اتهامه بالفساد، والإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية"، وهو ما أدّى إلى انهيار العملة والتردي الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك كافأه هادي وأعاده إلى معسكر الشرعية من جديد.
وعلى مدار سنوات الحرب، استغلّ حزب الإصلاح حالة العبث الراهنة، في أعمال نهب وسرقة وفساد، حيث رصدت تقارير رقابية في وقتٍ سابق اختفاء 3 مليارات ريال، تم تقديمها من قبل السعودية إلى القيادي الإخواني حمود المخلافي باعتبار أنّه قائد المقاومة الشعبية في تعز، إلا أن هذا الدعم سقط في النهاية في حوزة جماعة الإخوان في تعز، كما تم رصد اختفاء 400 مليون ريال من مخصصات محافظة تعز، ونهب 200 مليون ريال من رواتب المجندين.
هذه الوقائع، وهي جزءٌ من كثير، تكشف حجم الثروات التي كوّنها "إخوان الشرعية"، والتي سيخسرونها حال إقرار المحاسبة والرقابة والشفافية على أعمالها، وأن يُترك لهم حبل الحكومة على غاربه، ليرتكبوا الجرائم كما يحلو لهم.