مسار جدة والضرورات الثلاث.. جنوبٌ يتحرَّر وشرعية تنهار
منذ اليوم الأول للدعوة لعقد الاجتماعات في المملكة العربية السعودية، بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية، حاولت "الأخيرة" - المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي - إفشال هذا المسار؛ لأسباب عديدة، تنصب جميعها في خوف كبير على مصالحها العديدة.
وعلى الرغم من العراقيل الإخوانية المتعددة، إلا أنّ هناك الكثير من الأسباب التي ألزمت بالتوصّل إلى اتفاق الرياض، يمكن حصرها في أسباب ثلاث، هي قضية الشعب الجنوبي العادلة التي يحملها على كاهله المجلس الانتقالي، بالإضافة إلى فشل الشرعية في تحقيق أي انتصار عسكري، وتعمدها الفشل في إدارة المحافظات الجنوبية.
الشعب الجنوبي المُطالِب بالتحرُّر واستعادة دولته عبر فك الارتباط مع الشمال أصبح صوته مسموعًا بفضل قيادته السياسية الحرة والتفافه حولها، وهو ما كُلِّل في نهاية المطاف بأن أصبح صوت القضية الجنوبية مسموعًا.
وقد استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد مشاركة فعالة في الاجتماعات التي عُقدت في مدينة جدة السعودية مع حكومة الشرعية، في أن يعيد الجنوب إلى المعادلة الرئيسية بعدما حاولت "الشرعية" أن تهمل قضيته على مدار سنوات، متسترةً وراء الحرب على المليشيات الحوثية.
وسبق أن قالت صحيفة "جارديان" البريطانية، وهي تُعقِّب على الاتفاق بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، إنّه يُعزِّز موقع المجلس في المعادلة اليمنية، بعد أن استبعد من مفاوضات السلام في أوقات سابقة.
الصحيفة اتفقّت كذلك بأنّ هذا الاتفاق يمثل خسارة سياسية كبيرة لحكومة الشرعية، وبرهنت على ذلك بامتعاض أطراف موالية لحزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، تتبع الحكومة من هذا الاتفاق.
أحد الأسباب الذي أوجب مسار جدة أيضًا، هو فشل حكومة الشرعية على مدار السنوات الماضية في تحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري، فبعدما سيطر حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي على مفاصل الحكومة جعلها ترتمي في أحضان المليشيات الحوثية، وطعن التحالف العربي من الظهر.
هذه الخيانة الإخوانية كبَّدت التحالف تأخُّر حسم الحرب، بعدما سلّم "الإصلاح" مواقع استراتيجية للحوثيين وجمَّد جبهات أخرى، على الرغم من الدعم الذي نالته حكومة الشرعية من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
الفشل المتعمد من حكومة الشرعية في إدارة المحافظات الجنوبية هو السبب الثالث من الأسباب التي حدَّدها اختصارًا المحلل السياسي الدكتور حسين لقور، حيث عملت الشرعية، المخترقة إخوانيًّا على افتعال الكثير من الأزمات في الجنوب، والنيل من أمنه واستقراره بغية تكبيد الشعب الجنوبي معاناة قاسية، تمكِّن الإخوان فيما بعد من السيطرة على مقدراته.