جبايات المولد النبوي.. إرهاب حوثي في ذكرى عَطِرة
منذ أن أشعلت حربها العبثية في صيف 2014، لم تتوقّف المليشيات الحوثية عن استغلال المناسبات الدينية من أجل جمع الكثير من الأموال من جانب، والعمل على تعزيز نفوذها من جانب آخر.
ومع قرب حلول ذكرى المولد النبوي، واصلت المليشيات الحوثية في محافظة إب تحديدًا جرائم نهب التجار والمواطنين بمختلف المديريات، حيث فرضت مبالغ مالية على إدارة المدارس الحكومية والأهلية بالمحافظة، فضلًا عن فرضها على طلاب المدارس جبايات باسم المولد النبوي.
وتكشف مصادر تربوية أنّ مليشيا الحوثي فرضت على جميع طلاب مدارس مديرية جبلة مبلغ 50 ريالًا دعمًا للمولد النبوي، وطالبت مدراء المدارس بتسليم المبالغ المالية إلي المركز التعليمي بالمديرية بحسب أعداد الطلاب الذين رفعت أسماءهم بكشوفات المدارس إلى مكتب التربية بالمديرية والمحافظة، وسط رفض طلابي واسع لتلك الجبايات واستياء كبير لدى أولياء الأمور جراء سطو المليشيات على مصروف أبنائهم.
ويبلغ إجمالي عدد مدارس مديرية جبلة 95 مدرسة بها 55000 طالب وطالبة، حيث تسعى المليشيات لجبايات عليهم تصل إلى ثلاثة ملايين ريال، وإجبار إدارة المدارس دفع مبلغ 50 ألف ريال على كل مدرسة من المبالغ التي تفرق على الطلاب للمعلمين الذين أوقفت المليشيا مرتباتهم للعام الرابع على التوالي.
وفي مديرية جبلة أيضًا، فرضت المليشيات جبايات وإتاوات مالية كبيرة على المواطنين والتجار في عزلة وراف بمديرية جبلة جنوب غرب مدينة إب، دعمًا لما تقول إنه بمناسبة المولد النبوي في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي وأوبئة تنتشر في أوساط المواطنين بفعل الحرب.
ولا تضيع المليشيات الحوثية يومًا واحدًا إلا وتحشد بمزيدٍ من الإجراءات استعدادًا لفعالياتها الطائفية في ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي توليه المليشيات اهتمامًا كبيرًا.
ومؤخرًا، أصدرت المليشيات توجيهات صارمة لأصحاب المراكز والمولات التجارية والمطاعم الكبرى في صنعاء، بسرعة طلاء الرصيف أمام محالهم التجارية باللون الأخضر وشراء القصاصات الخضراء والبيضاء ونشرها استعدادًا لإحياء فعالياتها الطائفية في ذكرى المولد النبوي 1441هـ.
وشدّد الحوثيون على سرعة طلاء واجهة المحال والمراكز التجارية والمطاعم الكبرى قبل أيام من ذكرى الفعاليات، متوعدةً من يخالف بغارمة مالية باهظة واتخاذ إجراءات عقابية بحق مالكيها.
وسبق أن قررت المليشيات فرض جبايات مالية على التجار والمدارس في محافظة إب؛ وذلك لتمويل فعالياتها الطائفية التي تستعد لها في ذكرى المولد النبوي الشريف.
الجبايات الحوثية لا سيّما على التجار تسبّبت، حسبما كشف شهود عيان، في ارتفاع ضخم لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية على خلفية الإتاوات التي تُحصِّلها المليشيات من التجار والباعة بالجملة والتجزئة.
وكانت مصادر "المشهد العربي" قد كشفت، في وقتٍ سابق، أنّ زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي أصدر تعليمات ببدء الاستعدادات لإقامة فعالية جماهيرية بمناسبة المولد النبوي التي تستغلها المليشيا سياسيًّا؛ لتحقيق أهدافها الطائفية والمذهبية.
المصادر قالت إنَّ القيادي الحوثي أحمد حامد "أبو محفوظ" المُعين من المليشيات مديرًا لمكتب رئاسة الجمهورية بصنعاء عقد اجتماعًا قبل أيام، ضم رئيس حكومة الحوثيين "غير المعترف بها" عبدالعزيز بن حبتور ووزراء حكومته وقيادات ومشرفين حوثيين.
وأضافت أنّ "أبومحفوظ" أبلغهم بتعليمات زعيم المليشيات بالسعي لإقامة فعالية جماهيرية كبيرة، وحثهم على بدء العمل على حشد الموظفين والمواطنين وحثهم على المشاركة بزعم أن المشاركة واجب ديني.
ولفتت المصادر إلى أنّ القيادي الحوثي أبومحفوظ أبلغ المشاركين بأنه سيتم تقييم أداء الوزراء والقيادات الحوثية والمشرفين على قدرتهم على الحشد، وأن جماعتهم ستوفر لهم كافة المقدرات المالية للحشد وشراء الوجبات الخفيفة والماء ووسائل المواصلات.
وكانت المليشيات قد عمَّمت على خطباء المساجد في صنعاء بضرورة التحشيد لفعاليتها السياسية القادمة "ذكرى المولد النبوي للعام 1441 هجرية"، حيث عقدت وزارة الأوقاف والإرشاد في حكومة الانقلابيين "غير المعترف بها" اجتماعًا تشاوريًّا بأمانة صنعاء للتحضير لفعاليتها السياسية للاحتفال بالمولد النبوي.
قيادة المليشيات بالوزارة وجّهت مدراء مكاتب الأوقاف بالأمانة والمحافظات الخاضعة لسيطرتها بالحث على التفاعل في التحشيد للاحتفال بذكرى المولد النبوي ليشمل الاحتفال أكبر عدد من مناطقها، كما شدَّدت على ضرورة الدعوة للاحتفال عبر خطبة الجمعة القادمة والمرشدين والتغطيات الإعلامية المواكبة للأنشطة والفعاليات الخاصة بها التي ستبدأ من 16 صفر حتى الاحتفالية الرئيسية بفعاليتها السياسية على مستوى المحافظات التي تسيطر عليها.
وأقرَّت قيادة المليشيات خطةً تشمل قوافل إرشادية ميدانية وقافلة مركزية لدعم عناصر المليشيات بالجبهات وندوات مركزية بالمحافظات الخاصعة لسيطرتها وإصدار مطبوعات خضراء ومجلات حائطية طائفية.
وكثيرًا ما استغلت المليشيات، المساجد بمناطق سيطرتها، في جمع الأموال وحث المواطنين على الذهاب لجبهات القتال، كما تقوم بتدريس أفكارها الطائفية، وإلقاء المحاضرات التحريضية بشكل يومي في المساجد لتكريس الطائفية وتمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي.