مجلسٌ يحمي وطنًا.. حنكة الانتقالي التي تعبر بالجنوب إلى بر الأمان
"مشروعنا سیمر بمراحل كثیرة تأخذ بعین الاعتبار الظروف والعوامل السیاسیة الداخلیة والخارجیة، وهو ما یتطلب الحكمة والصبر".. رسالة واضحة من الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي عبَّرت عن استراتيجية المجلس الانتقالي في التعامل مع تداعيات المرحلة الراهنة وصولًا إلى اتفاق الرياض.
الرئيس الزُبيدي أكّد في حواره مع الكاتبة والروائية نورا المطيري أنَّ المشاركة في المحادثات مع حكومة الشرعية بمدينة جدة التي أفضت إلى اتفاق يُنتظر التوقيع عليه في العاصمة السعودية الرياض، جاءت ضمن استراتيجية واضحة المعالم ومحدَّدة الخطوات يسير بها المجلس الانتقالي.
المطيري سألت الرئيس الزُبيدي عن وجود قسم من الجنوبيين لا يتفقون مع الحوار ويفضِّلون العمل على فك الارتباط بشكل مباشر، فأجاب القائد: "في الأساس مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي، سیمر بمراحل كثیرة تأخذ بعین الاعتبار الظروف والعوامل السیاسیة الداخلیة والخارجیة، وهو ما یتطلب الحكمة والصبر والسیر بشعبنا في طریق آمن كما وعدناهم منذ الیوم الأول، وشعبنا یدرك هذا الأمر ویدعمه".
تصريح الزُبيدي يحمل الكثير من الدلالات لا سيّما امتلاك المجلس رؤية استراتيجية تراعي التداعيات والتطورات الراهنة انغماسًا في خندق واحد مع التحالف العربي، إلا أنّ الهدف الأكبر والأعظم يتمثل في استعادة دولة الجنوب، وفقًا لخطة مفصلة تسير خطواتها وفق الظروف الراهنة.
ولعل التحدي الأهم في الفترة الراهنة هو التصدي لمؤامرات حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي الذي يستهدف الجنوب وقضيته وشعبه، وقد عبّر الرئيس الزبيدي عن ذلك بالقول: "هناك أطراف كثیرة على رأسها جماعة الإخوان المتمثلة في حزب الإصلاح تحاول دائمًا إفشال أي جهود سیاسیة أو تقدم في ملف قضیة الجنوب، وهذا یأتي أیضًا في إطار ارتباطهم بأجندات معادیة للتحالف العربي".
ويضيف الرئيس الزُبيدي: "نحن منفتحون على أي جهود تصب في تثبیت الأمن والاستقرار، ورفع المعاناة عن شعبنا، وإنجاح مشروع التحالف العربي في كبح ملیشیا الحوثي المدعومة من إیران، بما لا یتعارض مع ثوابت قضیة شعب الجنوب".
المجلس الانتقالي شارك بفاعلية كبيرة في المحادثات التي استضافتها مدينة جدة السعودية مع حكومة الشرعية، التي قادت إلى اتفاق يُنتظر أن يتم التوقيع عليه في العاصمة الرياض، وهو اتفاق حقّق الكثير من الإنجازات للقضية الجنوبية.
إيجابيات اتفاق الرياض عديدة، منها أنّه برهن على أنّ المجلس الانتقالي هو الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية، وأنّه يعتبر قوة سياسية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو الأمر الذي حاولت حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، تشويهه ليل نهار.
في الوقت نفسه، فإنّ الاتفاق مكَّن الجنوب أيضًا من أن يضع قضيته على طاولة الحل المستقبلية للحل السياسي الشامل في اليمن، وهو أيضًا وضعٌ حاولت حكومة الشرعية، العمل على إفشاله كذلك، من خلال تهميش مطالب الجنوبيين والتستُّر وراء الحرب على المليشيات الحوثية، وهي حربٌ شهدت على تكاتف من قبل القوات الجنوبية مع التحالف العربي في خندق واحد، بينما ارتمى حزب الإصلاح المخترق للحكومة في أحضان الحوثيين.
المجلس الانتقالي، من خلال هذا الاتفاق، نجح في خطته المرحلية التي هدفت كما أعلن نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في أكثر من مناسبة، أنّ استراتيجية المجلس في المرحلة الراهنة تتمثل في توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني.
هذه الفوائد السياسية، وهي عالية القيمة عظيمة الشأن، ليست إلا خطوة واحدة، وبات على المجلس الانتقالي أن يبدأ استراتيجيته التالية من هذه الخطوة، وأن يبني عليها كل خطواته التالية على طريق استعادة الدولة، بعدما قدّم الشعب الجنوبي الكثير من التضحيات وذاق الكثير من المعاناة بفعل ما تُسمى الوحدة.