تمهلوا يا هؤلاء

لاحظنا خلال الأيام الماضية وأثناء سير الحوار غير المباشر بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي دعت له المملكة العربية السعودية وترعاه ؛ الكثير من الإجتهادات والتحليلات والتخمينات لما سيؤول إليه هذا الحوار وهل سيتم الوصول إلى صيغة إتفاق بين الطرفين ؟؛ وإن تم فمن سيكون المنتصر فيه وما إلى هنالك من الأسئلة والتساؤلات ؛ بل والإسقاطات التي تعكس رغبة وموقف أصحابها حتى قبل أن تنزل التسريبات المختلفة لمسودة الإتفاق على تعدد مصادرها وأهدافها في محاولة من هؤلاء جميعا لإستباق النتائج وتوجيه بوصلة الإهتمام عند الرأي العام نحو قضايا ومواقف معينة يراد لها أن تكون خلاصة للإتفاق وما عدا ذلك فسيكون في نظرهم هزيمة لهذا الطرف أو ذاك وعلى طريقة — يا أسود يا أبيض — !
ولا شك بأن نظرية المؤامرة قد وجدت طريقها في كل ذلك وبإتجاهات وصيغ مختلفة ؛ ناهيك عن الترويج لصفقات وتنازلات وغير ذلك الكثير .

أن كل ذلك يخلق بكل تأكيد حالة من التشوش والتوتر والإثارة التي قد تفضي إلى فتح باب التشكيك والتخوين هنا وهناك وما سيترتب على ذلك من تداعيات خطيرة ويمهد لحالة من البلبلة وعدم توحيد الصف في مواجهة الإستحقاقات المتعلقة بتطبيق الإتفاق ؛ وكل ذلك مع الأسف إذا ما نظرنا له من زاوية أخرى فأنه على الضد من الرغبة الوطنية لتجاوز حالة الإحتقان في الجنوب ومنع الفتنة بين أهله وهو الهدف الوطني لكل الجنوبيين الذين يستشعرون بخطورة ما سيترتب عن الفتنة إن نجحت القوى المعادية للجنوب من إشعالها !!

مع التسليم بأن هناك صعوبات حقيقية وتعقيدات وتحديات كبيرة وخطيرة تهدد تطبيق الإتفاق إن تم فعلا يوم الثلاثاء القادم وعلى خير ما يرام ومؤشرات كثيرة تدل على ذلك ولعل أبرزها الرفض المعلن للإتفاق من قبل أطراف عدة في الشرعية اليمنية ومعارضتها الشديدة لذلك بل والتهديد بما لا يحمد عقباه أن تم التوقيع عليه !!

نقول لهؤلاء جميعا تمهلوا ولا تستبقوا التوقيع بالمزيد من التوقعات وأنتظروا حدوث التوقيع فعلا وما سيبعث به حفل التوقيع من رسائل ؛ وما ستليه من أيام ستكون كفيلة بأيضاح الكثير مما قد كان في خانة الغموض ؛ فالإتفاق ليس نهاية للمشاكل القائمة على تعددها ؛ بل وسنشهد معارك سياسية قادمة هي الأكثر نوعية وعمقا وشمولية وعلى أكثر من صعيد ؛ ولا هو فصلاً ختامياً لنضال شعب الجنوب من أجل إستعادة دولته وحريته وسيادته على أرضه .