ما بعد اتفاق الرياض يحسم مستقبل قضية الجنوب
رأي المشهد العربي
يتهيأ الجميع انتظاراً للتوقيع النهائي على اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، ويمثل هذا الحضور أهمية قصوى باعتبار أن ما سيجري التوصل إليه سيخضع للرقابة الأممية وسينال اعتراف المجتمع الدولي.
لكن الأساس بالنسبة للجنوب في هذا الاتفاق ليس ما جاء فيه من بنود بقدر ما سيأتي بعده، بمعنى أن الجميع يدرك أن الإصلاح الذي يتخفي في ظلال الشرعية ليس له عهد ولا مواثيق، وأن ما يحكمه هي معايير القوة العسكرية وظهر ذلك واضحاً على مدار أكثر من شهرين حاول فيها الإصلاح إفشال الاتفاق بكافة السبل، ولولا حالة الضعف العسكري التي يعانيها لكان اختار حلول إرهابية بدلاً عن الحل السياسي، وبالتالي فإنه يجد نفسه مضطرا للتوقيع على الاتفاق.
لعل العامل المهم في فترة ما بعد توقيع الاتفاق، حذر المجلس الانتقالي الجنوبي حيال أي خيانة أو غدر من قبل حزب الإصلاح الإرهابي قد تقلب الاتفاق رأساً على عقب، وبالتالي فإن حسن النوايا لا يكفي للتعامل مع شرعية ترفض الاتفاق في داخلها وترحب به على المستوى الخارجي لتلافي مزيد من الخسائر السياسية التي منيت بها منذ شهر أغسطس الماضي، وبالتالي فإن أدوار التحالف العربي هنا بقيادة المملكة العربية السعودية ستكون في غاية الأهمية لتطبيق بنود الاتفاق.
مدى التزام الإصلاح ببنود الاتفاق وتحديداً فيما يتعلق بإعادة هيكلة جيش الشرعية سيحدد إلى حد كبير مدى قدرة الاتفاق على الصمود من عدمه، وحال جرى التوافق والالتزام بمواجهة المليشيات الحوثية باعتبار أنها تشكل الخطر الأول على اليمن فإن ذلك سيساهم في سرعة إنهاء الأزمة اليمنية سواء كان ذلك سياسياً أم عسكرياً، وهو ما يفتح الباب أمام حل القضية الجنوبية بشكل نهائي، واستعادة الدولة التي يحلم بها كل أبناء الجنوب.
لكن في المقابل فإن نكوص العهد من جانب الإصلاح الذي يسيطر على الجزء الأكبر من قوات الجيش سيؤدي للعودة خطوات إلى الوراء، لأن استمرار المشروع الحوثي الإيراني سيقوض أي محاولات للاستقرار والذي يدفع لطرح القضية الجنوبية على المجتمع الدولي، لكن في الوقت ذاته قد يكون هناك أدوات وأساليب سياسية عديدة بيد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي سيكون قدم كل ما لديه لحل الأزمة اليمنية سياسيا وعسكريا، ولا يمكن لأحد أن يعترض حقه في تحديد مصير الجنوب.