حلم الجنوب واتفاق الرياض.. خطوة على طريق تقرير المصير
مثّل اتفاق الرياض الذي تمّ توقيعه بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية أمس الأول الثلاثاء، انتصارًا سياسيًّا شديد الأهمية للقضية الجنوبية، على طريق تحقيق الحلم الأكبر.
المجلس الانتقالي نجح بفعل مشاركته المُحنكة في المحادثات التي عقدت بمدينة جدة وصولًا إلى توقيع الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، في وضع القضية الجنوبية العادلة على طاولة الحل السياسي الشامل ومنحها أبعادًا إقليمية ودولية غير مسبوقة، وصولًا إلى اللحظة التي يقرر فيها الشعب مصيره ويسترد دولته.
يتفق مع ذلك المحلل السياسي هاني مسهور الذي أكّد أنَّ الجنوبيين انتزعوا بتوقيع اتقاف الرياض ورقة تقرير مصيرهم السياسي، وقال إنّ المطلوب منهم مرحليًّا تقييم موضوعي لمرحلة مرت بشرها وخيرها.
وأضاف في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "مازال المشوار يتطلب عملًا وجهدًا وصبرًا وحكمة، والمعركة ضد تيارات الإسلام السياسي تظل تحديًّا مفروضًا على الجنوب منذ غزو 1994م".
مسهور يشير في حديثه إلى أنّ الحرب لم تنتهِ بعد، وأنّ الاعتراف الإقليمي والدولي بحق وعدالة القضية الجنوبية كما تجلّى في اتفاق الرياض ليس إلا خطوة على طريق تحقيق الحلم الأكبر، وأنَّ أعداء الجنوب لن يرفعون الراية البيضاء بسهولة، ما يعني أنّ حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي الذي شنَّ في الأيام الماضية حربًا شعواء ضد الجنوب من المتوقع أن يواصل اعتداءاته؛ في محاولة لإفشال الاتفاق.
وبالنظر إلى المرحلة الراهنة، فقد استطاع المجلس الانتقالي بقيادته الحكيمة للقضية الجنوبية، أن ينقل صوت شعبه وعدالة قضيته إلى العالم كله، حتى سُمع هذا الصوت الحر المنادي باسترداد دولته بعدما عانت ويلات الظلم والقهر تحت حكم الشمال، وهو نصرٌ مرحلي مهم حقّقته القيادة السياسية الجنوبية في المرحلة الراهنة، على طريق الحلم الأكبر وهو استعادة الدولة وفك الارتباط.
يتفق مع ذلك الأكاديمي الجنوبي حسين لقور بن عيدان الذي يؤكّد أنّ قضية الجنوب وشعبه لم تحظَ باهتمام إقليمي و دولي كما هي عليه اليوم، ويقول في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": هذا الأمر لم يأتِ من السمسرة في غرف المؤتمرات مدفوعة الثمن لكن جاء ثمرة نضال خاضها شعبنا في وجه الاحتلال اليمني وفي أقسى الظروف".
ويحمل اتفاق الرياض، الكثير من الدلالات، من بينها أنّه برهن على أنّ المجلس الانتقالي هو الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية، وأنّه يعتبر قوة سياسية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو الأمر الذي حاولت حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، تشويهه ليل نهار.
في الوقت نفسه، فإنّ الاتفاق مكَّن الجنوب أيضًا من أن يضع قضيته على طاولة الحل المستقبلية للحل السياسي الشامل في اليمن، وهو أيضًا وضعٌ حاولت حكومة الشرعية، العمل على إفشاله كذلك، من خلال تهميش مطالب الجنوبيين والتستُّر وراء الحرب على المليشيات الحوثية، وهي حربٌ شهدت على تكاتف من قبل القوات الجنوبية مع التحالف العربي في خندق واحد، بينما ارتمى حزب الإصلاح المخترق للحكومة في أحضان الحوثيين.
المجلس الانتقالي، من خلال هذا الاتفاق، نجح في خطته المرحلية التي هدفت كما أعلن نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في أكثر من مناسبة، أنّ استراتيجية المجلس في المرحلة الراهنة تتمثل في توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني.
هذه الفوائد السياسية، وهي عالية القيمة عظيمة الشأن، ليست إلا خطوة إلا، وبات على المجلس الانتقالي أن يبدأ استراتيجيته التالية من هذه الخطوة، وأن يبني عليها كل خطواته التالية على طريق استعادة الدولة، بعدما قدّم الشعب الجنوبي الكثير من التضحيات وذاق الكثير من المعاناة بفعل ما تُسمى الوحدة.