حين جعلوا الإعلام رخيصاً

إن "الإعلام" بكونه رسالة وطنية وأخلاقية، إلا أنه لا يقل أهمية عن الحرب العسكرية، ويعمل ما تعمله الدبابة في أرض المعركة، ولكن لأننا في بلد "مريض اسمه اليمن"، لا أرغب في إسقاط الإعلام الحاصل على "أشياء"، تجاوزها البعض بأفعال أشد قبحاً.
يمارس البعض "أقبح الأساليب" بدعوى التذاكي على الآخرين، غير مدرك أنه ليس في نظر من يوظفوه كقنينة ماء بلاستيكية ترمى بمجرد نفاذ كمية الماء منها، ثم يعاد تدويرها مرة أخرى بعد أن تلم من أكوام القمامة، وهم كثيرون.
لست بصدد الهجوم على أحد ولا شتم آخر، -فانا لست شتاماً ولا مبتزاً-، ولكن أحببت أن أقدم نصيحة أراها من وجهة نظري أن علي قولها، وهي أن "الإعلام رسالة وطنية وإنسانية وأخلاقية قبل أي شيء"، اختلف مع خصمك بشرف، ودافع عن قضيتك ومبادئك بأخلاق، أما أن تعرض نفسك أو مهنة الصحافة والإعلام لـ"البيع"، وبقلة حياء، فهذا "يضعك في إسقاطات لا اخلاقية".
أن "تضع رقما مالياً للبيع"، ثم تأتي للتحدث عن "نجاح الإعلام أو فشله"، فعلى أي مقياس، يمكن قياس نجاح العمل أو فشله، طالما وهو سلعة عرضتها للبيع "دون مزاد"، وعلى كيف سيتم قياس نجاحك أو فشلك وأنت تتنقل بين مشروع ومشروع مضاد.
الإمارات العربية المتحدة، -التي يحاول البعض أن يقحمها في كل صغيرة وكبيرة-، ليست في حاجة لإعلام أو إعلاميين يزورون الحقائق ويخلقون القصص الكاذبة والملفقة، أبوظبي دأبت على الرد على كل إساءة بمشروع تنموي أو خدمي أو اجتماعي، يخدم الناس والمجتمع المطحون، لأن هذا الخطاب لا يقدم ولا يؤخر، فلو كان الإعلام الذي تموله كل الأطراف الإقليمية المتصارعة فيما بينها نجح، كان حقق نجاحاً "لمصلحة الشرعية" التي يزعم البعض أنه يدافع عنها.
لكن هذا الإعلام لم يحقق أي شيء لشرعية رئيس كان حاكما في صنعاء، فالإعلام هذا بما فيه قناة "اليمن الرسمية"، وغيرها من القنوات والمواقع الأخبارية الإلكترونية، لم يعمل أي اختراق في معسكر الانقلابيين في صنعاء، على الرغم من الدعم المالي المهول الذي يصرف عليه، فالقناة الرسمية التي ميزانيتها المالية لو صرفت على كتيبة عسكرية "صادقة"، لنجحت في تحرير صنعاء وسلمت القصر الجمهوري للرئيس هادي في ظرف شهر واحد، لكنها قناة "خصصها مديرها جميل عز الدين، للشعارات والخطابات الرنانة وشتم الجنوبيين"، فكيف لهذا المسؤول أن يناهض الحوثيين وشقيقه أصبح قائدا بارزاً في صفوفهم، كيف لقناة او وكالة أن تقدم خطابا مناهضا لجماعة تحمي مصالح نائب الرئيس علي محسن الأحمر وتحرس أولاده في العاصمة اليمنية.
لا تحدثني عن إعلام رخيص وضيع فقد بوصلته، وانحرف "بكل ما تعنيه كلمة انحراف من معنى"! لم يعد هذا الإعلام يتحدث عن الحوثيين إلا فيما ندر، وإن كان حديثا عابرا لمحاولة خداع الشقيقة الكبرى.
كيف يمكن قياس الإعلام انه ناجح، فإذا كان الإعلام المناهض للجنوب ناجحاً لما سمعنا كل هذا الصراخ والعويل، ويقاس على ذلك، اذا كان الإعلام الجنوبي فاشلاً، لما اجتهد البعض للحديث عن ان الإعلام الجنوبي فاشل وهو يعمل على مقارعته منذ سنوات؟
محاولة البعض إقحام الإمارات في كل صغيرة وكبيرة بالجنوب هدفها معروف، فهؤلاء أصبحوا بيادق بيد أطراف إقليمية معروفة مشاريعها، ولكن حين تصل هذه الأطراف إلى تسوية سياسية او مصالحة مع خصومها، ماذا سيقولون عن أبوظبي وعدن
بدعوى مناهضة الجنوب؟
يعتقد هؤلاء أن محاولة شيطنة أبوظبي هي أسهل الطرق "للبيع"، فأصبح البعض "تابعاً لهذه الأطراف" لمجرد انه يبدأ بانتقاد الإمارات، دون ان يعي لماذا يعادي الإمارات، ولماذا كل هذا الحقد على الجنوب؟.
مشكلة الجنوب أن ناشطي (السوشيال ميديا) "صنعوا" من هذه الأصوات "أسماء"، وإن كانت قبيحة، والا من المفترض أن لا يتم الرد عليها، فليس من المعقول ان يرد الرجل على نباح كلب "بنفس نبرة الصوت"، يكفي ان ترمي حجرا بعيدا وسوف يتبعها او يتوقف عن النباح، وتستريح منه، او ترمي له الفتات من الطعام وأنا لا أنصح ان يتم التعامل مع هؤلاء بنفس تعامل الكلاب، فالكلب على الأقل وفي لصاحبه، ناهيك عن أنك لو رميت له طعاما لصنعت منه صديقا وفيا، لأنه يرى ذلك إحسانا لا شراء، على عكس من تشتريه اليوم سيبيعك غدا، إن لم يبعك في اللحظة نفسها، وما أكثرهم.
وبس..