إتاوات حوثية على المنظمات الإغاثية الدولية.. عصفوران أسقطهما حجرٌ واحد
عصفوران بحجر واحد أسقطتهما المليشيات الحوثية، من خلال فرض إتاوات على المنظمات الدولية العاملة في اليمن، وذلك عبر الحصول على أموال كثيرة لتحقيق ثروات طائلة وتمويل الحرب العبثية، بالإضافة إلى التضييق على هذه المنظمات.
المليشيات فرضت مؤخرًا، إتاوات مالية جديدة على المنظمات الدولية العاملة في اليمن، حيث ألزم الحوثيون المنظمات بدفع 60 دولارًا عن كل يوم نزول ميداني لأداء مهامهما الإغاثية والإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
كما فرضت المليشيات 5% من قيمة كل عقد يبرمه وكيل محلي مع تلك المنظمات، مع تنصيب مندوب منهم يشرف على كل مشروع إنساني.
وحظرت المليشيات الحوثية على المنظمات الدولية أي أنشطة إغاثية ميدانية دون تصريح يحدد مدة النزول للعاملين فيها، بجانب دفع المبلغ المقرر عن كل يوم، ويشرف على هذه العمليات القيادي الحوثي القاسم عباس شرف الدين.
وكان الحوثيون قد أصدروا مؤخرًا قرارًا يقضي بإلغاء قطاع التعاون الدولي في وزارة التخطيط، وإنشاء مجلس أعلى لإدارة الشؤون الإنسانية يدخل في اختصاصاته التعامل مع المنظمات الناشطة.
وبغية إطالة أمد الأزمة وتكبيد المدنيين مزيدًا من الأعباء الإنسانية، تواصل المليشيات الحوثية التضييق على المنظمات الإغاثية الدولية، سواء من خلال استهداف الموظفين العاملين بها أو سرقة المساعدات أو فرض إتاوات على هذه المنظمات.
وكانت المليشيات الحوثية قد أقدمت في منتصف أكتوبر الماضي، على غلق مكاتب تابعة لمنظمة "اليونسيف" في مناطق سيطرتها، في سياسة رامية إلى التضييق على عمل المنظمات الإنسانية من أجل مضاعفة الأعباء على السكان.
هذه الخطوة الحوثية ضد "اليونيسيف" جاءت بعد رفض المنظمة تسليم المليشيات بيانات خاصة بعملها في اليمن، وقد صدر هذا القرار عن هيئة الإغاثة التابعة لسلطة الانقلابيين في صنعاء.
وتعمل منظمة اليونيسيف في أنشطة ذات علاقة بصحة وتعليم الأطفال، من ضمنها مساعدات مالية للمعلمين، وخدمات طبية.
وكثيرًا ما اتهمت المليشيات الحوثية بتورُّطها في إعاقة عمل المنظمات الإغاثية الدولية العاملة في المجال الإنساني، بمبررات عدة بينها العمل الاستخباراتي فيما تنتهي طلباتها الحقيقية إلى إدخال عناصر تابعة لها ضمن الكادر المحلي لتلك المنظمات، وتسليم بيانات المستفيدين من المساعدات، كما حدث منذ أشهر مع برنامج الغذاء العالمي.
المليشيات تعيق عمل المنظمات الإنسانية والإغاثية بمبررات عدة بينها العمل الاستخباراتي فيما تنتهي طلباتها الحقيقية إلى إدخال عناصر تابعة لها ضمن الكادر المحلي لتلك المنظمات، وتسليم بيانات المستفيدين من المساعدات، كما حدث منذ أشهر مع “برنامج الغذاء العالمي”.
وفي سبتمبر الماضي، صرّح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك، في إحاطة قدَّمها لمجلس الأمن، بأنّه في شهري يونيو ويوليو الماضيين، أبلغت الوكالات الإنسانية عن 300 حادث أعاقت المساعدات الإنسانية، مما أثر على 4,9 مليون شخص.
وأضاف المسؤول الأممي أنَّ حوالي 90 في المائة من الحوادث كانت ناجمة عن عوائق بيروقراطية وأنواع أخرى من التدخل.
ولا تقتصر المليشيات الحوثية بالتضييق على عمل المنظمات الإنسانية، لكنّها عملت كذلك على إعاقة توزيع المساعدات في مناطق سيطرتها بغية إطالة أمد الأزمة وسد احتياجات عناصرها كذلك لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها.
وتنوّعت الانتهاكات الحوثية بحق المساعدات الإغاثية والعاملين عليها بين الاستيلاء على الشحنات أو منع مرور الناقلات المحملة بالمواد الغذائية والدوائية وقصف مخازن المنظمات الأممية، لا سيّما في محافظة الحديدة وإحراق البعض الآخر ومنع العاملين من الوصول إلى المحتاجين أو احتجازهم.
ولم تكتفِ المليشيات بوضع العراقيل أمام المنظمات الإنسانية والفرق الميدانية، بل أقدمت على سرقة كميات كبيرة من مواد الإغاثة وتوظيف جزء آخر لصالح حربها ضد اليمنيين، وحالت دون نقل كميات من القمح تكفي لإطعام أكثر من ثلاثة ملايين يمني، حيث منعت 120 موظفًا أمميًّا من الوصول إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي في الحديدة التي تحتوي على 51 ألف طن من المساعدات، كما احتجزت 20 موظفًا تابعين لوكالة التعاون التقني والتنمية الفرنسية -شريك برنامج الأغذية العالمي في تنفيذ المشاريع الإغاثية، ومنعتهم من مغادرة مديرية بني قيس بمحافظة حجة، وصادرت جوازاتهم لمدة أسبوع كامل، إضافة إلى منع وفود أخرى واحتجازهم في أكثر من مكان.
وتصدرت أربع محافظات قوائم انتهاكات مليشيا الحوثي للأعمال الإنسانية، وكانت في مقدمتها محافظة الحُديدة ثم محافظة حجة فمحافظة إب ثم صنعاء، وأخيرًا محافظة صعدة المعقل الرئيسي للمليشيات، وتمثلت أبرز الانتهاكات في احتجاز ومنع المساعدات الإغاثية وقتل واحتجاز سائقي شاحنات الإغاثة، وقصف مخازن المنظمات الأممية وإحراق مخازن أخرى وشاحنات، ومنع وفود أممية من الوصول إلى المحافظات ومنع الفرق الميدانية للوكالات الإنسانية من تنفيذ المشاريع والتلاعب بأسماء المستفيدين والمستحقين للمساعدات والاستيلاء على المساعدات الإغاثية وتحويل جزء من هذه المساعدات للمجهود الحربي وبيع البعض في السوق السوداء.
وسبق أن صرّح لوكوك بأنّ الأمم المتحدة تحقق في جميع الحالات التي تقوم بها مليشيا الحوثي الخاصة بنهب المساعدات الإنسانية ووضع العراقيل أمام المنظمات الأممية، وسنعلق توزيع المساعدات إذا استمرت هذه الانتهاكات وإذا لزم الأمر.