هكذا يلجأ إخوان موريتانيا إلى سياسة التحريض لكسر عزلتهم وفسادهم
الاثنين 18 نوفمبر 2019 02:49:10
كشف خبراء ومحللون أن عزلة إخوان موريتانيا وفسادهم المتمثل في شبهات التمويل التي تلاحقهم، تدفعهم مجددا للجنوح إلى منهج الصدام والتحريض، للفت الانتباه ومحاولة اختراق الطوق المحكم عليهم.
وشكّل لجوء إخوان موريتانيا إلى الشارع، أول بوادر نقض تعهدات رئيس حزبهم "تواصل"، خلال لقائه الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، بخصوص الالتزام بتطبيع الحياة السياسية، أسوة ببقية أطراف المعارضة، والذي يمثل شعار العلاقة الحالية بين الأغلبية والمعارضة.
وتحت عنوان ما يسمونه "إصلاح لا يقبل التأجيل" جاء مهرجان حزب الجماعة "تواصل" مساء السبت بنواكشوط، الذي رأى فيه مراقبون، خروجا عن إجماع الطيف المعارض الذين اعتمد أسلوب فتح الباب أمام التشاور السياسي مع النظام، ودخل في مشاورات لتطبيع المشهد السياسي بعيدا عن لغة التأزم والتصعيد.
توقيت المهرجان أثار كذلك وفق المراقبين أسئلة حوله مساعي التنظيم لصرف الأنظار عن الحملة الشعبية ضد "تجار السموم" والداعمة لقانون الصيدلة الذي عارض بعض بنوده المثيرة نائب إخواني وربطه البعض بشبهات تمويل التنظيم.
كما أن ميول الإخوان نحو التحريض برز أخيرا في لقاء جمع أطراف المعارضة بالبرلمان، من خلال دفع حزب "تواصل" منهج "الصدام"، كأسلوب للتعاطي مع الشأن العام، ورفض بقية أطراف المعارضة لهذا الأسلوب، واختيار منهج "الحوار وتقديم الاقتراحات".
وبحسب موقع صحيفة "مراسلون" الإلكترونية، التي نقلت فحوى الاجتماع الذي عقد مؤخرا، فإن ممثلي الإخوان في اللقاء طالبوا بانتهاج ما وصفوه بـ"التصعيد" ضد الحكومة فيما رفضت بقية الأحزاب المعارضة هذا المسعى، ورأت أن التعاطي يجب أن يكون من خلال "اقتراح الحلول والمتابعة"، على ضوء اللقاءات الثنائية للغزواني بقادة الطيف السياسي.
مأزق الإخوان
الكاتب والمحلل السياسي سيدي أحمد ابنيجارة، رئيس النسخة العربية لصحيفة "لوكوتديان"، اعتبر أن تصعيد الإخوان منفردين في الساحة هو محاولة للتغطية على مأزق الانشقاقات التي ينتظر أن تتفاقم أكثر بسبب جنوح التنظيم الملاحظ إلى مزيد من التصعيد والإثارة.
وأوضح ابنيجارة في تصريحات، أن وضع الجماعة يزداد تأزما وانعزالية في ظل "التوجه الجديد للنظام للتشاور مع المعارضة" مما يجعل التنظيم يعمد إلى هذا التصعيد للفت الانتباه ومحاولة اختراق هذا الطوق المحكم عليه.
وقلل ابنيجارة من أهمية تأثير هذا التصعيد في واقع الحياة السياسية للبلد، مبينا أن التنظيم في وضع لا يمكنه من لعب أوراقه في ظل العزلة التي يواجهها حلفاؤه الدوليون، وعدم قدرة هؤلاء الحلفاء على نجدته مما يدفعه إلى هذه الألاعيب.
قوى الشر
أما الكاتب والمحلل السياسي شيخنا محمد فال، فرأى أن شعار حزب "تواصل" الإخواني (النخلة واللون الأخضر) أصبح مرتبطا بـ"الغش والموت البطيء الناجم عن بيع الأدوية المزورة"، وذلك في إشارة إلى ارتباط توقيت المهرجان الأخير للإخوان بالحملة على الأدوية المزورة التي يتهم الإخوان بالضلوع في تجارتها.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين نافع: "إن الإخوان جاهزون دائما للمهرجانات التصعيدية لكنهم متخلفين عن أي وقفة مناهضة لجرائمهم ضد الشعوب العربية الإسلامية وجرائمهم المقسمة بين القتل بالنار والرصاص والإبادة بالأدوية والأغذية المزورة"، في إشارة إلى تخلفهم عن وقفات دعم الحرب على الأدوية المزورة في موريتانيا.
واعتبر صلاح، في تدوينة على "الفيس بوك"، أن الإخوان عادتهم دائما التكفير واتهام الأشخاص في دينهم، كما فعلوا بأنظمة عربية إسلامية"، مختتما بالقول "لن تجدوهم إلا في صف قوى الشر التي أدمنت قتل الإنسان وإهلاك الحرث والنسل".
ووسط زخم انفتاح النظام على المعارضة التي تشهده الساحة السياسية الموريتانية حاليا، ظلت جماعة الإخوان الإرهابية وحزبها "تواصل" الكلمة الشاذة الوحيدة في السياق السياسي للبلاد، فحتى الآن يبدون خارج اهتمامات وأولويات الحوار بين الأغلبية والمعارضة، تكريسا لعزلتهم المتزايدة.
كما أن تراجع دور الحزب بفعل الصراعات والانشقاقات التي يشهدها منذ أشهر عدة، وغيابه عن دائرة الاهتمام الحالي للرئيس بفتح حوار سياسي مع المعارضة، يلقي بظلال قاتمة حول المستقبل السياسي للجماعة على المستوى الوطني في موريتانيا، حسب مراقبين.