اتفاق الرياض.. قراءة في ضبط النفس الجنوبي والاستفزاز الإخواني
"ملتزمون حتى اللحظة الأخيرة".. هذا ما يمكن استخلاصه من الموقف الجنوبي من اتفاق الرياض الذي تم التوقيع عليه في الخامس من نوفمبر الجاري، الذي يتعرض لعراقيل مفضوحة من قِبل المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية.
القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي، أبدى التزامًا كاملًا ببنود الرياض، وذلك تقديرًا للتحالف العربي ورعاية المملكة العربية السعودية لهذه الخطوة، بالإضافة إلى أهمية الاتفاق فيما يتعلق بضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما تعرّضت هذه البوصلة للتشويه على مدار الأشهر وربما السنوات الماضية من قِبل "إخوان الشرعية".
اتفاق الرياض نصّ على أن تعود جميع القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه العاصمة عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة، وتجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن بإشراف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وفق لما ينص عليه الاتفاق.
وفيما ينص الاتفاق على دخول هذا البند حيز التنفيذ بعد 15 يومًا على التوقيع، وقد كان ذلك يوم الأربعاء الماضي، إلا أنَّ التحركات الإخوانية المسلحة قد أعاقت تنفيذ ذلك، بعدما واصلت مليشيا حزب الإصلاح تحشيد المسلح صوب الجنوب، ولا سيّما في محافظتي أبين وشبوة؛ بغية تصعيد الأوضاع على الأرض وإشعال الفوضى والعنف.
التحركات الإخوانية على الأرض مثّلت ما يمكن اعتباره انقلابًا وتمرُّدًا على بنود اتفاق الرياض، في محاولة من قِبل حزب الإصلاح لإنقاذ مستقبله السياسي والعسكري، إلا أنّ القيادة السياسية الجنوبية تتعامل مع "الاستفزاز" الإخواني بمزيدٍ من الهدوء وكثير من ضبط النفس.
عبّر عن ذلك عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي فضل الجعدي، الذي أكّد أنّ حزب الإصلاح يدق طبول الحرب لنسف اتفاق الرياض.
الجعدي قال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "استمرار حشد القوات إلى عتق من قبل حزب الإخونج بدلا من خروجها بحسب اتفاق الرياض يدل دلالة لا لبس فيها أن حزب الإصلاح يدق طبول الحرب لنسف اتفاق الرياض".
وأضاف الجعدي: "لن يكون لنا طبعا أي ردة فعل على هذا التجاوز الأحمق وسنترك الأمر لإخواننا في المملكة العربية السعودية".
تصريح القيادي الجنوبي تؤكّد ما سبق التأكيد عليه كثيرًا، وهو التزام المجلس الانتقالي ببنود اتفاق الرياض، والعمل على إنجاحه مهما حاولت المليشيات الإخوانية إفشاله عبر مؤامراتهم الإرهابية.
يُشير ذلك إلى أنّه بعدما شارك المجلس الانتقالي الجنوبي بفاعلية كاملة في المحادثات التي استضافتها مدينة جدة والتي أفضت إلى التوصُّل إلى اتفاق الرياض، فإنّ القيادة السياسية الجنوبية لن تترك الفرصة أمام إفشال هذا المسار.
المجلس الانتقالي، باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للقضية الجنوبية، أكَّد في أكثر من مناسبة العمل على إنجاح اتفاق الرياض، بما يعني التصدي الحازم لكافة العراقيل التي يزرعها أعداء الجنوب والتحالف العربي على حد سواء، والحديث هنا عن المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية، وهذا الأمر يتعلق بالجهود الدبلوماسية والسياسية، التي تتمتع في جانبٍ منها بضبط النفس على صعيد واسع.
اتفاق الرياض، الذي تمّ التوقيع عليه في الخامس من نوفمبر الجاري، كان يهدف في المقام الأول إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما عمل حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي على تشويه هذا المسار، بعدما ارتمى في أحضان الانقلابيين.
يُشير ذلك إلى أنّ نجاح اتفاق الرياض ليس في صالح المليشيات الإخوانية، التي تحاول بكل السبل إلى إفشال هذا المسار، وهو ما يدركه المجلس الانتقالي الجنوبي جيدًا ويعمل على التصدي إليه، عبر كافة السبل.
القيادة السياسية الجنوبية برهنت على قدرتها على حماية الوطن من كافة المؤامرات التي تُحاك ضده، وهي ستكون أيضًا مستعدة لكافة السيناريوهات المقبلة التي من المتوقع أن تشهد تزايدًا من قِبل المليشيات الإخوانية، وذلك على الصعيدين السياسي والعسكري.