السياسة الأممية والجرائم الحوثية.. الجنرال جوها يستعيد قلق الميت
في تعاطيها مع الأزمة اليمنية والجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية على مدار سنوات الحرب، عادت الأمم المتحدة إلى عادتها الشهيرة المتمثلة في الإعراب عن القلق، تلك السياسة التي رسَّخها أمين عامها الراحل بان كي مون.
رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهندي أبهيجيت جوها أعرب عن بالغ القلق إزاء تصاعد العنف الذي شهدته محافظة الحُديدة والمناطق المحيطة بها في الأيام الماضية.
وقال جوها، في بيان، إنّ القلق يُساوره حيال الخسائر في الأرواح التي أُفيد بوقوعها، والمعاناة بين السكان بسبب هذه الهجمات، مشيرًا إلى أنّها تهدد أيضًا سلامة أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار.
ودعا الجنرال جوها جميع الأطراف للامتناع عن أي عملٍ قد يتعارض مع أحكام وروح اتفاق استكهولم، وعلى تجنب مزيد من تصعيد الموقف، كما حضّ على استخدام آلية التهدئة التي أنشئت بدعم من بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لحل الخلافات ودعم الجهود المستمرة للحفاظ على وقف إطلاق النار في الحُديدة.
تصريحات الجنرال الأممي التي تتضمَّن إعرابًا عن القلق، أمرٌ لا يثير الاستغراب، وقد اعتادت الأمم المتحدة على ذلك لا سيّما خلال حقبة الأمين العام الراحل بان كي مون، من دون أن تتخذ المنظمة الدولية إجراءات حاسمة على الأرض.
وكثيرًا ما أكّدت الأمم المتحدة أنّ المليشيات الحوثية اقترفت الكثير من الجرائم والانتهاكات، إلا أنَّ المنظمة لم تتخذ أي إجراءات تردع الانقلابيين وتوقف إرهابهم الفتّاك على الأرض.
وقبل أيام، أكَّدت مساعدة السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أورسولا مولر تزايد العنف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ونبهت إلى زيادة وتيرة العنف بمناطق خاضعة للمليشيات، مشيرةً إلى أنّ هناك نهبًا واحتلالًا لمرافق العاملين بالمنظمات الإنسانية.
ودعت مجلس الأمن الدولي، إلى تحقيق خمس خطوات أساسية لتهيئة الظروف لانهاء الصراع في اليمن، وتشمل احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، والوصول الإنساني دون قيود وتمويل خطة الأمم المتحدة الإنسانية ودعم الاقتصاد وتحقيق تقدم نحو الحل السياسي.
تصريحات المسؤولة الأممية تتضمَّن إقرارًا أمميًّا بهول الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية، والمأساة المروِّعة التي خلّفتها الحرب العبثية، إلا أنَّ المجتمع الدولي يظل متهمًا بصمته القاتل عن الإرهاب الحوثي الفتّاك الذي تسبّب في أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، وجَّه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إدانات لمليشيا الحوثي، بعدما قال إنها ارتكبت انتهاكات تصل إلى جرائم حرب.
وقال تقريرٌ للمجلس، إنّ المليشيات الحوثية قصفت مدنًا واستخدمت أسلوب حرب أشبه بالحصار، على نحو قد يمثل جرائم حرب، مشيرًا كذلك إلى أنّ الحوثيين خطفوا واعتقلوا نساء على مدار العامين الماضيين في اليمن لابتزاز أقاربهن.
كل هذه الجرائم التي أكَّدتها ووثّقتها التقارير الدولية، لم تقابل بإجراءات رادعة من قِبل المجتمع الدولي، لإجبار المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام.
وارتكبت المليشيات الحوثية أكثر من 12 ألف خرق لبنود اتفاق السويد الموقع في ديسمبر من العام الماضي، ونُظر إليه بأنّه مرحلة أولى لإحلال السلام في اليمن، إلا أنّ انتهاكات المليشيات أجهضت وأفشلت هذا المسار.
إزاء كل ذلك، يكتفي المجتمع الدولي بإصدار بيانات إدانة للجرائم الحوثية، يُقال إنّها لا تغني ولا تثمر من جوع، أو أنّ كلمات هذه الإدانة لا تستحق الحبر الذي تُكتب به، كونها لم تؤدِ على الأقل حتى الآن إلى ردع المليشيات الحوثية، أو إجبارها على السير في طريق السلام، لتجنيب المدنيين ويلات الحرب القاسية.