خطة حوثية استباقية لوأد هبّة ديسمبر.. ماذا فعلت المليشيات؟
جدَّدت المليشيات الحوثية من إجراءاتها القمعية التي اتخذتها طوال الفترة الراهنة بهدف وأد أي انتفاضة قد تندلع ضدها.
المليشيات الحوثية تعيش حالة قلق وتوجس غير مسبوقة، وذلك بسبب الغضب الشعبي منها جرّاء ما وصل إليه حال السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها من جانب، بالإضافة إلى تفاقم الاحتجاجات في العراق ولبنان وإيران، حيث تتخوّف المليشيات من وصول هذه الحالة إليها.
أحدث الخطوات الحوثية تمثلت فيما أقدمت عليها المليشيات، ممثلة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها، من قرارات وإجراءات غير معلنة ، تقضي بقطع الإنترنت والمكالمات الدولية في حال اندلعت احتجاجات ضدها في شهر ديسمبر المقبل.
وعقدت القيادات الحوثية التي تسيطر على الوزارة والمؤسسات التابعة لها، سلسلة اجتماعات منذ مطلع نوفمبر الجاري لتدارس الإجراءات الاحترازية المطلوب اتخاذها لمواجهة أي احتجاجات.
وألزمت القيادات التابعة لها في وزارة الاتصالات ببحث الإجراءات الواجب اتخاذها في حال انتقال الاحتجاجات من إيران ومناطق نفوذها في العراق ولبنان إلى مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين في اليمن باعتبارهم امتدادًا للنفوذ الإيراني في المنطقة.
وأفضت اجتماعات قيادات المليشيات لإقرار تشديد إجراءات الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي والتجسُّس على مستخدمي الإنترنت ومضاعفة عمليات التنصت على كل المكالمات الهاتفية خلال هذه الفترة كإجراءات احترازية مسبقة، على أن يتم تنفيذ إجراءات مشددة عقب بدء خروج أي تظاهرات منها قطع الانترنت على غالبية المستخدمين بمن فيهم منازل المناوئين لها، والإبقاء على خدمة الإنترنت للقيادات الحوثية والجهات ووسائل الإعلام التابعة للميليشيا.
وكانت المليشيات الحوثية قد أقرّت في منتصف نوفمبر الجاري، ضمن إجراءاتها الاحترازية استئناف عملية حظر مواقع وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي فور خروج المظاهرات ضدها، لكنها عادت وعدلت قرارها أواخر الأسبوع الماضي إلى قطع الإنترنت وتوسيع عملية التنصت.
جاء ذلك وفقًا لتعليمات تلقتها من خبراء إيرانيين في ضوء تمكن طهران عبر إجراءات مماثلة من قطع عملية التنسيق بين المحتجين في مدنها ما سهل لها قمع الاحتجاجات بعيدًا عن وسائل الإعلام، ومكنها بالتالي من احتواء التظاهرات في عدة مدن.
وخلال الأسبوعين الماضيين، عكف مهندسون فنيون تابعون للمليشيات على إعداد الإجراءات التنفيذية لقرار قطع الإنترنت واستثناء الأشخاص والجهات ووسائل الإعلام التابعة للمليشيات، وباشروا بإجراء عدة تجارب بقطع النت على منازل من لا يوالون الانقلابيين، واستمرت تلك التجارب عدة أيام قبل أن تعيد تشغيل الخدمة مجددًا وتعذرت بأنّ القطع كان ناتجًا عن خلل فني.
كما استحدثت مليشيا الحوثي سنترالًا خاصًا في أحد مقرات الأمن الوقائي التابع لها في منطقة الجراف، وقامت بربطه بالسنترال الرئيسي في المؤسسة العامة للاتصالات، بما يمكنها من تسجيل كل المكالمات والتنصت على السكان وبخاصةً في مناطق سيطرتها عبر استخدام تقنيات إيرانية، بجانب الخدمة الأمنية المشغلة حاليًّا في جهازي الأمن القومي والأمن السياسي.
وفي الوقت الراهن، يحاول مهندسون تابعون للمليشيات، تمّ تدريبهم من قِبل خبراء حزب الله، إزالة أي إشارات أو تشويش عند بدء تسجيل المكالمة، وضمان وضوح أصوات المتصلين لتجنب إدراك المواطنين بأن هواتفهم تخضع لعملية التنصت.
هذه الخطوات الحوثية تشكف عن حجم الرعب الكبير الذي ينتاب المليشيات من اندلاع احتجاجات ضدها، وقد تجلّى ذلك أيضًا فيما حدث قبل أيام، عندما أقدمت على اعتقال عددٍ من النشطاء الذين دعوا عبر مجموعات على "واتساب" للخروج ضد الانقلابيين في صنعاء.
وقال سكان محليون لـ"المشهد العربي"، إنَّ المليشيات داهمت عددًا من الأحياء والمنازل في مناطق مذبح وشملان غربي صنعاء وبيت بوس الحثيلي وشميلة جنوبي صنعاء، وأوضحوا أنَّ المداهمات الحوثية جاءت لاعتقال مجموعة من الشبان بعد دعواتهم للخروج بتظاهرات في مجموعات "واتس آب" .
وكانت المليشيات الحوثية قد أقدمت على توزيع أموال على مشائخ ووجهاء قبائل طوق صنعاء من خلال استدعائهم لعقد لقاءات منفصلة وجماعية, في إطار التحركات الحوثية لمنع أي انتفاضة ضدهم، حسبما كشفت مصادر قبلية لـ"المشهد العربي".
المصادر قالت إنَّ مليشيا الحوثي استدعت مشائخ وشخصيات اجتماعية على مجموعات واجتماعات فردية للبعض، للقاء القيادي الحوثي محمد علي الحوثي عضو ما يسمى المجلس السياسي، وآخرين مع القيادي أبو علي الحاكم رئيس هيئة الاستخبارات الحوثية، والبعض مع القيادي الحوثي عبدالباسط الهادي المعين من المليشيات محافظًا لصنعاء .