عدوان من الحوثي والشرعية.. صورة الطفل الذي حرّك البشر والحجر
ليست مجرد صورة من أهوال الحرب اليمنية، لكنّها كانت كافية لتحريك الحجر والبشر، تلك الصورة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا لطفل صغير أصبح هيكلًا عظميًّا.
في الصورة، يظهر الطفل وهو يحمل كسرة خبز، وقد أكّد نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنّه من سكان الحديدة، ويبدو أنّه يعاني من سوء تغذية وقد بلغت حالته شدةً ربما تُفقِده حياته في أقرب وقت.
تكشف الصورة هول الأزمة الإنسانية في اليمن، لا سيّما القطاع الصحي الذي تعرَّض لصنوف عديدة من الاعتداءات سواء بشكل مباشر من قِبل المليشيات الحوثية أو بشكل غير مباشر من قِبل حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
وتكشف الإحصاءات المحلية والإقليمية والدولية عن حجم المآسي التي يعيشها ملايين المدنيين في ظل سيطرة الحوثيين على بعض المناطق، حيث أقدمت المليشيات على ارتكاب كافة صنوف الانتهاكات والجرائم على النحو الذي كبّد المواطنين أعباءً لا تُطاق.
وبيّنت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنَّفتها الأسوأ عالميًّا، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارى للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة من أصل 22 محافظة.
وكذلك، كشفت وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي أعدتها المنسقية الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا" أنّ نحو مليوني طفل و1,5 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما تواجه حاليًّا 127 مديرية من أصل 333 مديريةً مخاطر متزايدة بالانزلاق إلى المجاعة تصل إلى أكثر من 60٪ من عدد السكان.
ومع ارتفاع سوء التغذية الحاد، تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلبًا على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل، ولذلك بات سوء التغذية خطرًا محدقًا بحياة الأطفال اليمنيين.
وتكشف تقارير أممية أيضًا، أنّ ثلاثة من كل خمسة أطفال بعمر يتراوح بين 5 إلى 69 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد في العام الجاري، بينما 2,5 مليون امرأة حامل ومرضعة ومسؤولات عن رعاية أطفال دون الثانية من العمر يحتجن إلى استشارات ونصائح حول أساليب الطعام وتغذية المواليد وصغار السن بعمر يوم إلى 23 شهرًا.
كما أنّ هناك 1,8 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "المعتدل"، و500 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "الوخيم"، و1,5 مليون طفل دون الثانية من العمر يحتاجون إلى مكملات غذائية دقيقة، كما أنَّ عشرة ملايين امرأة مرضعة وحامل يعانين من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين (أ).
في الوقت نفسه، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّ سوء التغذية الحاد الكلي يكون مقبولاً عند أقل من 5٪ وضعيفًا، دون نسبة 10٪ وطارئًا عند أكثر من 15٪.
هذا الوضع المأساوي لا تتحمّل مسؤوليته المليشيات الحوثية وحدها، لكنّ حكومة الشرعية شاركت في الجُرم بشكل مروِّع، بعدما تركت نفسها لاختراق حزب الإصلاح الإخواني، الذي فرض أجندته وإرهابه على تحركاتها.
أبرز خطايا "الإصلاح" كان تسيير الشرعية في طريق خيانة التحالف العربي، عندما تحالف الحزب النافذ في الحكومة مع المليشيات الحوثية، وسلّمها جبهات استراتيجية وجمّد القتال في جبهات أخرى، ما كبّد التحالف العربي عواقب وخيمة تمثّلت أبرزها في تأخير الحسم العسكري في مواجهة المليشيات الموالية لإيران.
لم يكتفِ "الإصلاح" بهذا الغدر وهذه الخيانة، بل حرّف بوصلة الحرب وشوّه مسارها، وخلت أجندته واهتماماته من العمل على استعادة صنعاء من قبضة الحوثي، بل أصبح الشغل الشاغل لحكومة الشرعية هو العمل على احتلال العاصمة عدن وإحداث فوضى عارمة في الجنوب ونهب مقدراته تمهيدًا للسيطرة عليه.