الآثار النفسية للحرب الحوثية.. قصة أستاذ جامعي طرد أسرته وقتل طفلته
"لا يصرف راتبه، ضاقت أمام سبل العيش، لم يشفع له عمله الأكاديمي، الأفكار التي جمعها طوال حياة علمية عميقة، لم يجد ما يمكنه من إعالة أسرته، طرد زوجته وأطفاله إلا طفلة واحدة كان شديد التعلق بها، ولما ضاق الحال أكثرفأقدم على قتلها".
ملخص حياة أستاذ جامعي في محافظة صنعاء، التهمته الأعباء الحياتية الناجمة عن الحرب العبثية للمليشيات الحوثية، فأقدم دكتور جامعي في صنعاء، على قتل طفلته بعد تدهور حالته النفسية نتيجة انقطاع صرف الرواتب.
مصادر "المشهد العربي" قالت إنّ الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة صنعاء "ز. ص" أقدم على قتل طفلته، فيما لم تُكتَشف الجريمة إلا بعد ثلاثة أيام عندما زاره أقاربه للاطمئنان عليهم.
المصادر قالت إنّ الجاني كان قد طرد زوجته وأطفاله بعد أن دخل في حالة نفسية سيئة جراء تدهور حالته المادية بسبب انقطاع الرواتب وتبقت طفلة وحيدة معه، مؤكدة أنهما كانا شديدي التعلق ببعضهما.
وأشارت إلى أنّ الأستاذ الجامعي الذي يقطن في منطقة نقم، أبدى ندمه الشديد على جريمته عند إلقاء القبض عليه.
تكشف هذه الواقعة، الآثار النفسية المروّعة التي تتسبب فيها الجرائم الحوثية ضد السكان، وتسبُّب المليشيات في أزمة فقر حادة التهمت أكثر السكان.
وبحسب تقرير مشترك لمنظمة هانديكاب إنترناشونال المتخصصة فى مجال الإعاقة، والمنظمة الدولية للمعوقين، فإنّ الحرب الحوثية تسبّبت في آثار نفسية مرهقة للغاية، وأنّه لا يزال الدعم النفسي والاجتماعي يمثل تحديًّا في منطقة لا تحظى فيه فكرة الضائقة النفسية إلا بمصداقية قليلة.
وذكر التقرير أنَّ فريق المنظمتين قدم الدعم النفسي لأكثر من 16000 شخص، بما في ذلك المستفيدون المباشرون من جلسات إعادة التأهيل والقائمين على رعايتهم، ويُخطِّط الفريق لتدريب أكثر من 400 عامل صحي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من صدمة جسدية ونفسية شديدة، مع ازدياد المحتاجين للدعم النفسي في صنعاء.
وأكّد التقرير أنَّ هناك تدفقًا مستمرًا للمرضى من الأشخاص المصابين في النزاع أو حوادث السيارات، إلى كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة الذين يحتاجون إلى رعاية إعادة التأهيل، وكثير من الناس يحتاجون إلى المساعدة بسبب الفوضى العارمة الناجمة عن الحرب الحوثية.
وتسبّب الحوثيون في إغراق اليمن بأزمة إنسانية مأساوية، ينتابها الكثير من الأرقام الصادمة والمروّعة، حيث تؤكد منظمات دولية أنَّ 21 مليون شخص، من أصل 27 مليونًا، باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما فقد أكثر من 100 ألف أرواحهم جراء الأوبئة والأمراض القاتلة التي تفشت جراء الحرب الحوثية.
وكشف إحصاء دولي جديد عن حجم المأساة الإنسانية المروّعة الناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية، لا سيّما فيما يتعلق بالحالة الصحية لملايين الأطفال.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ أربعة ملايين طفل وُلِدوا منذ بداية الحرب، في الوقت الذي تمّ تسجيل 51% فقط من المرافق الصحية التي ما زالت قيد العمل.
ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم، منذ توقفها في سبتمبر 2016، ويعتمد السكان على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وتقول الأمم المتحدة إنّ اليمن يمرّ بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80% من سكانه إلى المساعدات الإغاثية العاجلة.
وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت في أكتوبر الماضي، من أنّ اليمن سيصبح أفقر بلد في العالم في حال استمرت الحرب حتى سنة 2022.
وقال التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنّه منذ اندلاع النزاع عام 2014، تسبّبت الحرب بزيادة الفقر في اليمن من 47% من السكان إلى 75% بحسب التوقعات بحلول نهاية عام 2019.
وأضاف التقرير أنّه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم، حيث يعيش 79% من السكان تحت خط الفقر ويُصنف 65% منهم على أنهم فقراء جدًا.