الحوثيون وأزمة بائعي اللحوم.. عدوان على التجار وآخر على المواشي
بلغت أزمة بائعي اللحوم في صنعاء مرحلة شديدة التعقيد، بعدما قرروا اليوم السبت، عدم إدخال المواشي إلى صنعاء؛ احتجاجًا على الابتزاز الذي تمارسه مليشيا الحوثي ضدهم، وذلك عبر استحداث نقاط بمداخل أمانة المحافظة، ومنعها من الدخول، وفرض مبالغ مالية خارج إطار القانون بقوة السلاح.
وأعلنت نقابة بائعي اللحوم والمواشي الدخول في إضراب المفتوح، وعدم إدخال أي مواشي إلى صنعاء بدايةً من اليوم السبت، ودعت أعضاءها للتجمع والإضراب على مداخل صنعاء وعدم إدخال أي مواشي نهائيًّا إلى صنعاء حتى يتم الإفراج عن ناقلات المواشي التي احتجزتها المليشيات، ورفع نقاط التقطع والابتزاز خلال ثلاثة أيام.
وكانت النقابة قد أعلنت يوم الأربعاء الما ضي، أنّها قررت الإضراب الجزئي عن العمل احتجاجًا على الممارسات الحوثية التعسفية بموجب توجيهات أمين صنعاء حمود عباد، في ابتزاز بائعي اللحوم والمواشي باستخدام نقاط بمداخل أمانة صنعاء التي تقوم بفرض مبالغ مالية خارج إطار القانون بقوة السلاح.
وقالت النقابة إنّه تمّ استحداث نقاط جديدة تقوم بفرض رسوم غير قانونية ومخالفة الفتوى القانونية المتضمنة أن الرسوم غير قانونية.
في سياق متصل، كشفت مصادر "المشهد العربي" أنّ النقابة حصلت على وعود بحل مشكلات التقطع والابتزاز، لكنّ القيادي الحوثي حمود عباد المعين أميناً للعاصمة رفض وواصل الجبايات؛ ما دفع النقابة للإضراب مجددًا ومنع دخول المواشي إلى صنعاء.
هذا الابتزاز الحوثي يمكن تقسيمه إلى شقين، أحدهما يستهدف استنزاف أموال التجار عبر فرض جبايات عليهم ما يُمكّن الانقلابيين من تكوين ثروات مالية ضخمة.
وعلى مدار سنوات الحرب العبثية القائمة منذ صيف 2014، كوَّنت المليشيات الحوثية ثروات كبيرة جرّاء الإتاوات التي تفرضها على السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهو ما كبّد المدنيين أعباءً إنسانية مروّعة.
الشق الثاني يتمثّل في "المواشي" نفسها، فالحرب الحوثية لم تكتفِ بالعدوان على البشر فقط، بل طالت آثارها الحيوانات أيضًا.
ففي منتصف أكتوبر الماضي، احتجزت المليشيات الحوثية، ممثلة في إدارة الجمارك بصنعاء، عشرات الأبقار المستوردة من الخارج في ساحة الجرك بمنطقة عصر، حيث كشفت وثائق متداولة عن قيام تجار المواشي باستيراد المئات من الأبقار والعجول وإدخالها عبر المنافذ الجمركية الرسمية في منطقة جبل رأس بمحافظة الحديدة وتسديد كافة الرسوم الجمركية وفق النظام المتبع.
إلا أنّ تجار المواشي فوجئوا باحتجاز الجمارك في صنعاء لإحدى القاطرات التي تقل على متنها نحو 31 رأسًا من الأبقار، حيث طلبت المليشيات من الموارد دفع ما يقارب من مليون ريال كرسوم جمركية، زاعمة في الوقت ذاته أن الأبقار محملة بالمخدرات.
في المقابل، أكّد المورد قيامه بتسديد الرسوم الجمركية المستحقة في جبل رأس، وأنّه استورد نحو 600 رأس من الأبقار وفق الوثائق والمستندات الرسمية، وقال إنّ العجول الصغيرة التي تم استيرادها ضمن الشحنة تم وضعها في مزارع خاصة بتسمين العجول في الحديدة وفق المعتاد فيما تم نقل العجول الكبيرة والأبقار الموجودة ضمن الشحنة إلى صنعاء لبيعها في سوق المواشي بنقم.
وأضاف أنّهم فوجئوا بقيام إدارة الجمارك باحتجاز القاطرة التي تم نقل دفعة جديدة من الأبقار على متنها، لا سيما في ظل انعدام المشتقات النفطية التي دفعت تاجر المواشي إلى الإستعانة بقاطرة كبيرة بدلا عن "الدينات".
وأشار المورد إلى أنّ الأبقار التي تمّ احتجازها هي من ضمن الشحنة التي تضم أكثر من 600 رأس وهو ما تؤكده الوثيقة الصادرة عن جمارك جبل رأس، إلا أنّ إدارة الجمارك في صنعاء تتحجج أن الشحنة كانت من العجول وليس الأبقار بعد أن ادعت انه يوجد في أحشائها مخدرات.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيه الكشف عن عبث الحوثيين بالحيوانات، فسبق أن حوّلت المليشيات الحيوانات إلى ألغام متحركة في الحديدة، ما كشف عن مسلك إرهابي للمليشيات التي استخدمت كل أساليب التمويه في زراعة الألغام من الأحجار والكتل الخرسانية على جنبات الطرق وتحت الأشجار وصولاً إلى صناعة ألغام على شكل جذوع النخل وزراعتها وسط مزارع النخيل.
ففي يوليو الماضي، أقدمت المليشيات الحوثية على تفخيخ جمل بربط شحنة متفجرات حوله وأطلقته من أمام عمارة الخامري قرب جولة الحلقة، إلا أنّ كثرة الحواجز التي كانت المليشيات وضعتها في الطريق قبل دحرها دفعته إلى تغيير مساره، حيث دخل طريقًأ فرعيًّا وواصل السير في المساحات الترابية صوب مواقع للمليشيات الحوثية نفسها خلف كلية الهندسة.
وقبل وصوله، انفجر بحمولته ما يعني أن العبوات الناسفة كانت مربوطة بصاعق تفجير مؤقت أو أنه تم تفجيره عن بُعد.