الحرب الحوثية وذوو الإعاقة.. أجساد متعبة تدفع أثمانًا باهظة
على مدار سنوات الحرب الحوثية العبثية القائمة منذ صيف 2014، دفع الأشخاص ذوو الإعاقة أثمانًا باهظة جرّاء الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران.
ففي تقرير جديد، قالت منظمة العفو الدولية إنَّ ملايين الأشخاص ذوي الإعاقة تحمَّلوا سنوات من النزاع المسلح، بل وكانوا من أكثر الفئات تعرضًا للإقصاء في غمار تلك الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
التقرير الذي اطلع عليه "المشهد العربي"، صدر بعنوان "مستبعدون: حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وسط النزاع المسلح في اليمن"، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يوافق اليوم الثلاثاء.
وقالت راوية راجح كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات لدى المنظمة: "لقد اتسمت الحرب في اليمن بهجومات غير مشروعة، وبعمليات نزوح، وبندرة الخدمات الأساسية، مما جعل الكثيرين يقاسون الشدائد من أجل البقاء على قيد الحياة، وصحيح أن المتطلبات تفوق طاقة العمليات الإنسانية، ولكن الأشخاص ذوي الإعاقة، والذين هم أصلاً من أكثر الفئات تعرضًا للخطر وسط النزاع المسلح، ينبغي ألا يواجهوا صعوبات أكبر في الحصول على المساعدات الأساسية".
وأضافت: "ينبغي على الجهات الدولية المانحة، والأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية العاملة مع السلطات المحلية، أن تبذل مزيدًا من الجهد للتغلب على المعوقات التي تحول دون حصول الأشخاص ذوي الإعاقة حتى على أبسط احتياجاتهم الأساسية".
وبحسب التقرير، يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبات مضاعفة في الفرار من العنف، وقد ذكر كثيرون منهم لمنظمة العفو الدولية أنّهم قطعوا رحلات النزوح الشاقة دون أن يكون لديهم مقاعد متحركة أو عكاكيز، أو غيرها من الأدوات المساعدة، وكان جميعهم تقريبًا يعتمدون على أسرهم أو أصدقائهم.
وقالت رشا محمد، الباحثة في شؤون اليمن بمنظمة العفو الدولية: "الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم يطالبون عن حق بألا تُتتخذ أي قرارات بشأنهم بدون مشاركتهم، واليمن ليس اسثناء، ويجب على الجهات الدولية المانحة أن تسارع بالوفاء بشكل كامل بتعهداتها فيما يتعلق بتمويل العمليات الإنسانية، وأن تبذل مزيدًا من الجهد بما يكفل عدم تجاهل الأشخاص ذوي الإعاقة".
وأضافت: "هناك بعض الأعمال البسيطة نسبياً التي يمكن أن يكون لها أثر كبير في معالجة الثغرات القائمة، ومنها مثلاً السعي للحصول على بيانات ومعلومات ومداخلات بشكل مباشر من الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديم عدد أكبر وأكثر ملاءمة لهم من الأدوات المساعدة، وتوفير مراحيض تراعي احتياجاتهم الخاصة".
التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية ينضم إلى سلسلة طويلة من التقارير التي بيَّنت حجم المآسي الإنسانية الناجمة عن الحرب العبثية للمليشيات الحوثية، القائمة منذ صيف 2014، إلا أنّ المجتمع الدولي لا يزال متهمًا بعدم اتخاذ إجراءات رادعة على الأرض توقف هذا الإرهاب الحوثي الفتاك.
ويمكن القول إنّ الدور الأممي يقتصر على بيانات يُقال إنّه لا تساوي قيمة الحبر الذي تُكتب به، كونها لا تؤدي إلى أي تغييرات جذرية على الأرض، لا سيّما فيما يتعلق بردع المليشيات الحوثية وإجبارها على الانخراط في طريق السلام.
وعلى مدار سنوات الأزمة، ومع توالي المبعوثين الأمميين وآخرهم مارتن جريفيث، لا تزال الأزمة اليمنية تراوح مكانها، ولا يلوح في الأفق بوادر لحل الأزمة المستعصية.
وبعيدًا عن ذوي الإعاقة على وجه التحديد، تسبّب الحوثيون إجمالًا في إغراق اليمن بأزمة إنسانية مأساوية، ينتابها الكثير من الأرقام الصادمة والمروّعة، حيث تؤكد منظمات دولية أنَّ 21 مليون شخص، من أصل 27 مليونًا، باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما فقد أكثر من 100 ألف أرواحهم جراء الأوبئة والأمراض القاتلة التي تفشت جراء الحرب الحوثية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ أربعة ملايين طفل وُلِدوا منذ بداية الحرب، في الوقت الذي تمّ تسجيل 51% فقط من المرافق الصحية التي ما زالت قيد العمل.
ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم، منذ توقفها في سبتمبر 2016، ويعتمد السكان على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وتقول الأمم المتحدة إنّ اليمن يمرّ بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80% من سكانه إلى المساعدات الإغاثية العاجلة.
وكانت المنظمة الدولية قد حذّرت في أكتوبر الماضي، من أنّ اليمن سيصبح أفقر بلد في العالم في حال استمرت الحرب حتى سنة 2022.