مافيا فساد يقودها العيسي.. احتكار النفط الذي يذبح الاقتصاد
على مدار السنوات الماضية، ارتكب قادة بارزون في حكومة تصريف الأعمال وقائع فساد، كوَّنوا من خلالهم ثروات مالية طائلة.
أحد هؤلاء هو رجل الأعمال أحمد العيسي، المتورط في كثيرٍ وقائع الفساد، الذي يملك شركات، تقوم باستيراد المشتقات وتبيعها لشركة مصافي عدن الحكومية، إلا أنّ الواقع والوثائق تبين أن تجارة المشتقات، تديره منظومة فساد متكاملة، سياسية واقتصادية أمنية، تنتمي إلى الطبقة الحاكمة.
مصدر حكومي مسؤول قال إنّ "الاحتكار في استيراد المشتقات النفطية للبلاد يعود بخسائر كبيرة في الاقتصاد"، وأكّد المصدر في إفادة صحفية أنَّ "سوق المشتقات النفطية تعد أحد أهم أسباب سحب الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي اليمني".
وأضاف أنّ تزايد الطلب على المشتقات النفطية يؤدي إلى زيادة في الشحنات القادمة من خارج البلاد وبالتالي السحب من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وأوضح أنَّ احتكار عدد قليل من التجار لاستيراد المشتقات النفطية ورفع الأسعار أدى إلى تضرر الاقتصاد، وأطاح بمستوى حياة المواطن بسبب طمع وجشع أولئك التجار.
ولفت إلى أنّ المحتكرين لسوق المشتقات النفطية يجنون أرباحًا هائلة دون جراء رفع الأسعار بطرق مختلفة وغير قانونية دون أي مراعاة للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، مؤكّدًا أنَّ التاجر الواحد من المحتكرين لسوق المشتقات النفطية يجني ما يقارب 20 مليون دولار أرباح قبل بيعه لشحنة الوقود للدولة.
وأشار المصدر إلى أنَّ تكاليف استيراد شحنة وقود تصل إلى 45 مليون دولار فيما يقوم التاجر المحتكر ببيعها بما يقارب 65 مليون دولار، لافتًا إلى أنّ احتكار قلة من التجار لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج جعلهم يتمادون في غيهم وطمعهم، ما أدى إلى استنزاف النقدي الأجنبي في البنك المركزي وتحميل الحكومة والمواطنين تبعات ذلك.
ولفت المصدر كذلك إلى أنَّ أولئك التجار المحتكرين لاستيراد الوقود يفتعلون الأزمات بين الفترة والأخرى دون وجود سبب مقنع، ما يؤدي إلى زيادة معاناة المواطنين، وخروج محطات الكهرباء لنفاد الوقود أو افتعال أزمة مشتقات نفطية والتسبب بعرقلة مصالح المواطنين.
تصريحات المصدر جاءت بعد اجتماع عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور معين عبدالملك قد عقد اجتماعًا هامًا في العاصمة عدن مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص لمناقشة إنهاء احتكار استيراد المشتقات وفتح الباب أمام كافة التجار للدخول في المناقصات واستيراد الوقود.
وتتحكم مافيا النفط التي يقودها العيسي وشركاه في نظام الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي،في مفاصل الاقتصاد، وتستمر في التلاعب بمعيشة اليمنيين والعملة المحلية، حيث تحتكر المازوت فتهدد المدن بالظلام وتختلق أزمات الوقود بمنع البنزين، كما تسبّبت في مشكلات عميقة للاقتصاد.
وبحسب مصادر حكومية، فإنّ العاصمة عدن باتت مهددة بالظلام وانقطاع طويل للتيار منذ مطلع ديسمبر الجاري، ليس نتيجة أعطال في محطات التوليد أو شبكة التوزيع، لكن يدور الحديث حول أكبر عملية ابتزاز تتعرض لها الدولة على يد شركات تجارية ربحت من جيوب اليمنيين ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية.
ويعمل العيسي على ابتزاز الحكومة من خلال رفض ضخ الوقود المخصص لتشغيل محطات التوليد من البواخر، بغرض إغراق العاصمة عدن في الظلام والحصول على مبالغ مالية مخالفة لشروط الاتفاق.
وكان العيسي قد رفض مؤخرًا، تفريغ الوقود من البواخر متذرعًا بمديونية مزعومة قدرها بمبلغ 104 ملايين ريال، واشترط على الحكومة دفعها أو توقُّف محطات التوليد وغرق العاصمة في الظلام.
وأظهرت وثائق رسمية، أنّ ثلاث شركات لمستفيد واحد مدعوم من الرئاسة، تحتكر استيراد المشتقات وتفوز بالمناقصات التي تعلنها شركة مصافي عدن الحكومية، وتفرض أسعارًا مرتفعة عن الأسعار العالمية وتتحمل الدولة والمستهلك هذه الزيادة.
والشركات الثلاث هي ( OZY، ASA Energy FZCO، عرب جلف)، مملوكة للتاجر أحمد العيسي الذي يشغل منصب نائب مدير مكتب الرئاسة ومستشارًا اقتصاديًّا لهادي.
العيسي يحتكر سوق المشتقات النفطية في العاصمة عدن والمحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة، التي اتجهت إلى أن يكون استيراد النفط عبر ثلاث شركات ووفق مناقصة ومن ضمن هذه الشركات "اراب جلف" وشركة " A. C" وشركة أخرى، وهذه الشركات كلها تتبع تاجر واحد وهو أحمد العيسي، وبذلك يتم إرساء المناقصات عليه للاستيراد، وهذه بحد ذاتها إجراءات مخالفة لقانون المناقصات.
لم يقتصر فساد العيسي عند هذا الحد، ففي منتصف أكتوبر الماضي، وجّه وفد حكومة الشرعية لدى الأمم المتحدة، إلى وكيل الأمين العام، تطلب فيها بشكل مباشر لشركات تابعة للعيسي، من أجل تزويد مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين بالوقود، حسبما كشفت وثيقة رسمية.
المصادر التي زوَّدت "المشهد العربي" بهذه الوثيقة، تقول: "الشرعية التي ترفض كل فرص السلام وتمنع فتح مطار صنعاء وترفض صرف الجوازات شمالًا وجنوبًا، لا مانع لديها بالتجارة بالوقود مع جماعة الحوثي للتربح من الصفقات المشبوهة".
وقبل هذه الخطوة، كانت الحكومة قد أصدرت قرارًا حمل رقم 49، نص على "دفع الضرائب والرسوم الجمركية لصالح الحكومة على جميع المشتقات النفطية المستوردة إلى الموانئ، بما في ذلك ميناء الحديدة الذي تديره المليشيات"، وزعمت أنّ الهدف من هذا القرار هو تعزيز الإيرادات وإعادة تنشيط المؤسسات وتحسين الوضع الإنساني.
إلا أنّ هذا الطلب الرسمي فضح حقيقة نوايا الحكومة "الخبيثة"، بحسب مصادر "المشهد العربي" التي قالت: "اتضح الآن بما لا يدع مجالًا للشك أنّ القرار رقم 49 لم يكن يهدف إلى تحصيل الإيرادات ومنعها عن الحوثي الذي سيستوفيها في كل الأحوال عبر ميناء ذمار البري وإنما من أجل الوصول إلى هذا الهدف وهو التجارة بالوقود شماًلا بعد أن احتكروه جنوبًا".
الفساد الذي ينخر في حكومة تصريف الأعمال لا يقتصر على قطاع النفط فقط، ففي وقتٍ سابق كشفت مصادر "المشهد العربي" أنّ عبد الله العليمي مدير مكتب هادي، والإرهابي علي محسن الأحمر نائب هادي، وناصر وجلال، نجلي هادي، قاموا بسحب مبالغ مالية كبيرة من أرصدة البنك المركزي بالخارج.
وأضافت المصادر أنّ هناك محاولة يقوم بها مسؤول كبير في البنك المركزي، عاد مؤخرًا إلى العاصمة عدن وادعى أنه جنوبي، لكنَّه عاد لسحب وإتلاف جميع المستندات التي تدين صرفيات "الإخوان" غير القانونية.