عدوان الإخوان على أحور.. كيف خسر الإصلاح سياسيًّا؟

السبت 7 ديسمبر 2019 13:04:50
عدوان الإخوان على أحور.. كيف خسر "الإصلاح" سياسيًّا؟

لم تقتصر الخسائر الإخوانية في العدوان على مدينة أحور بمحافظة أبين والتحشيد نحو العاصمة عدن على هزيمة عسكرية فقط لكنّها شهدت خسارة سياسية تجلّت واضحةً في التزام الجنوبيين باتفاق الرياض.

التصعيد الإخواني في الجنوب، لا سيّما في محافظة أبين، استهدف إشعال الفوضى على أراضي الجنوب بغية إفشال اتفاق الرياض، عبر استفزاز الجنوبيين وإقحامهم في مواجهات مسلحة، تُحدِث الفوضى والإرهاب، إلا أنّ مخطط الإخوان فشل على أكثر من صعيد.

عسكريًّا، مُنيت المليشيات الإخوانية التابعة للشرعية خسائر ضخمة على يد القوات الجنوبية التي استطاعت أن تدحر العدوان الإخواني على مدينة أحور في الأيام الماضية، وهو ما يبرهن على أنّ القوات المسلحة الجنوبية تقف دائمًا على أهبة الاستعداد للدفاع عن أراضيها في مواجهة أي عدوان.

لا يقتصر الأمر على ذلك، بل كانت الخسارة الإخوانية سياسية كذلك، فهذا التصعيد كان الهدف منه هو استفزاز الجنوبيين عملًا على إفشال الاتفاق، إلا أنّ ضبط النفس الجنوبي مثّل صدمة كبيرة لحزب الإصلاح الإخواني.

الالتزام الجنوبي باتفاق الرياض عبَّر عنه الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك خلال لقائه مع قائد الحزام الأمني في قطاع أحور مهدي حنتوش، حيث أشاد الزُبيدي بالروح الوطنية والقتالية لقيادة وأفراد الحزام الأمني في أبين والمقاومة الجنوبية.

خلال اللقاء، أكَّد الزُبيدي التمسُّك باتفاق الرياض احتراما للاتفاقات والعهود، ودور المملكة العربية السعودية الحاضنة والراعية للاتفاق.

في الوقت نفسه، شدد الرئيس الزُبيدي على أنّ بطولات أبطال الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية في قطاع أحور والتضحيات الجسيمة التي قدمت في سبيل صد المليشيات الغازية الإخوانية، لن تذهب هدرًا، وتعهّد باستعادة أبناء أبين، زمام الأمور في محافظتهم، وفرض سيادتهم على كامل ترابها.

كما شهد اللقاء مناقشة مستجدات الأوضاع في مديرية أحور وجاهزية واستعداد أفراد الحزام الأمني، والمهام الموكلة إليهم وفق الآلية التنفيذية التي تضمنتها بنود اتفاق الرياض، الذي رعته المملكة العربية السعودية.

تصريحات الرئيس الزُبيدي تحمل تأكيدًا جنوبيًّا على الالتزام ببنود اتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر الماضي، والذي هدف في المقام الأول إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما شوَّه حزب الإصلاح بوصلة هذه الحرب، وهو ما أخَّر حسم التحالف للحرب على مدار السنوات الماضية، من خلال تسليم الانقلابيين مواقع استراتيجية أو تجميد جبهات أخرى.

وكان المجلس الانتقالي قد أصدر بيانًا بعد العدوان الإخواني على مدينة أحور، جدَّد فيه التزامه الكلي بمضمون اتفاق الرياض، ودعا حكومة تصريف الأعمال، إلى التعامل بالمثل.

وعّبر المجلس، في بيان اطلع عليه "المشهد العربي"، عن رفضه لكل محاولات الحكومة الخروج عن نص الاتفاق، بالتحشيد المستمر في اتجاه الجنوب، وشدَّد على تمسُّكه بحقه في الدفاع عن أرضه، مؤكدًا قدرته على التصدي وردع أي قوة تحاول تجاوز خطوط التماس الحالية.

ونبَّه إلى انحياز المجلس الانتقالي إلى السلام، الذي يعد دعما لجهود الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لتجاوز المشكلة الراهنة وتوحيد الجهود باتجاه المعركة الأساسية ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

وحذَّر المجلس الانتقالي من محاولات مليشيا الإخوان المتطرفة إفشال الاتفاق، خدمة لمليشيا الحوثي، لافتًا إلى تجميدها القتال لسنوات في الشمال، وأرجع تمسُّكه وقوات المقاومة والجيش الجنوبي، بالسلم احترامًا لجهود الأشقاء، مؤكدًا في الوقت نفسه استعداده بالقوة لردع كل متطاول ومستهتر.

ومارست المليشيات الإخوانية تمرُّدًا وانقلابًا جديدًا على اتفاق الرياض، أمس الأول الخميس، بعدوانها على مدينة أحور بمحافظة أبين، ما أسفر عن استشهاد القيادي في المقاومة الجنوبية بالمدينة الشيخ سالم الساحمي، إلا أنّ القوات الجنوبية استطاعت ردع هذا العدوان.

التحركات العسكرية الإخوانية التي تُمثّل تمرُّدًا على اتفاق الرياض، لا يمكن أن تمر مرور الكرام، فمن جانب تبدي القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي، التزامًا كاملًا ببنود الاتفاق؛ إدراكًا منها لأهمية هذه الخطوة على صعيد ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما شوّه مسارها حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، المخترِق لحكومة الشرعية.

هذا الانضباط أو الالتزام الجنوبي ببنود الاتفاق لا يعني الصمت أمام الاعتداءات الإخوانية، فالقوات المسلحة الجنوبية تبقى جاهزة ومتأهبة لصد أي عدوان يستهدف أراضيها ويحاول النيل من أمن شعبها واستقراره، وهو ما يبقى دائمًا في خانة "الدفاع عن النفس".