الاغتيالات.. عنوان فرعي لمشروع الدم والدمار!

سبق لنا وأن أشرنا في موضوعات ورسائل عدة وعلى امتداد الفترة الماضية وبكل ما شهدته من تطورات مختلفة سلباً وإيجاباً، وأحداث وتداعيات مؤسفة ما كان لها أن تقع لو أن العقل كان حاضراً والحكمة فاعلة عند العقلاء.

إن هناك من يتبنى وعلى نحو ممنهج مشروع تدمير الجنوب والقضاء على تطلعاته الوطنية المشروعة واستخدام كل الأدوات والوسائل المتاحة والمبتكرة وبخبث ولؤم شديدين لجعل ذلك ممكناً وعبر أسهل الطرق وأقلها تكلفة، والمتمثلة بفتح ثغرات خطيرة في جبهة الصف الوطني الجنوبي عبر اختراق بعض حلقاته أو المحسوبة عليه بهدف تشتيت جهوده وجعله يقف في مواجهة مع بعضه البعض!.

وهو المشروع الذي يتخفى خلف عناوين ومسميات وأفعال مختلفة، في محاولات متكررة ومكشوفة للتمويه على القوى التي تقف خلف هذا المشروع (القديم الجديد) والتي باتت معروفة للجميع وجعلت من إرهابها المنظم وبكل وسائله وميادينه المستهدفة علامة تجارية حصرية لها في المنطقة، والمتمثلة بتنظيم (الإخوان المسلمين) وأذرعه المتعددة من داعش والقاعدة وأنصار الشريعة وما لديها من شبكات منظمة من الخلايا الكامنة والتي تتحرك عند الطلب، وحسب الضرورة، ولذلك فإن ما شهدته وتشهده عدن بدرجة رئيسية وبقية مناطق ومدن الجنوب في الأيام الماضية لهو تأكيد جديد على تناغم الأفعال الإجرامية التي يتضمنها هذا المخطط الجهنمي لهذا المشروع الشيطاني الذي يستهدف الجنوب وأهله.

لذلك لا غرابة من عودة الاغتيالات وازديادها وبوتيرة متسارعة وبصورة غير مسبوقة، والتي من بين أهدافها المباشرة والآنيّة إرباك المشهد بعد توقيع اتفاق الرياض بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، وبهدف إفشاله أو تعطيله مؤقتاً وخلط الأوراق تمهيداً لفوضى شامله تسهل عملية تنفيذ المخطط الإجرامي المعد سلفاً والمتفق عليه بين القوى والأطراف المعادية للجنوب ومشروعه الوطني وبما يجعل الفتنة بين أبناء الجنوب أمراً واقعاً؛ لتتحول، وحسب ما يخططون، إلى حرب أهلية طويلة الأمد يفقد معها الجنوب كل عوامل الصمود ويخسر مقوماته وروافعه الوطنية الصلبة والناعمة، ويدخل في مرحلة أخرى أكثر سوداوية ومعاناة وآلام شتى، لتتسع فيها دائرة الأحقاد والثأر والانتقام والتمترس خلف العصبيات القاتلة لبناء المجتمع الجنوبي المنشود، ويصبح فيها العدو صديقاً والصديق عدواً. الأمر الذي يضعف الروابط الوطنية ويجعل مفهوم الشراكة في الكفاح من أجل استعادة الدولة الجنوبية وبناء الجنوب على أسس وقواعد جديدة أمراً صعباً وشاقاً، بل وخالياً من مضمونه، وحينها ستكون تلك القوى قد نجحت في الوصول لأهدافها وهو ما لا ينبغي أن يسمح به كل أبناء الجنوب وأحراره مهما اختلفت مواقعهم ورؤاهم السياسية حول الهدف النهائي وآليات الوصول إليه لأن في ذلك ضياعاً للجنوب وسيخسر الجميع ويصبح مستقبل الجنوب رهينة وتحت رحمة تلك القوى الشريرة التي لن تميز بين جنوبي وآخر.

وسيثبت الواقع إذا ما تمكنت هذه القوى، وفي غفلة من الزمن وأهله في الجنوب، بأن الحسابات المصلحية والسياسية قصيرة النظر ستكون أول الخاسرين في لعبة الخداع والمكر الذي تجيده وبإتقان كل القوى المعادية للجنوب ولكل الجنوبيين، وهو ما يستدعي المراجعة الجادة من قبل البعض لمواقفهم التي تتماهاً في بعض تجلياتها مع الأسف مع مواقف تلك القوى وعلى الأقل المعلن منها، وتحديداً لجهة الموقف من "الوحدة" التي لم يعد لها وجود في الواقع ولا في نفوس أبناء الجنوب، وهي ميتة في نظرهم ولا تعيش إلا في مشاريع قوى النفوذ (الشمالية) الطامعة بثروات الجنوب وخيراته أو في جيوب بعض الجنوبيين على قلتهم.

لذلك فإن المسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية تقتضي بالضرورة أن يكون الجميع عند مستوى المسؤولية، أكان ذلك برفع اليقظة إلى أعلى مستوياتها وترك ومغادرة الوسائل التقليدية التي أثبتت فشلها في مواجهة الجريمة السياسية المنظمة، واتخاذ تدابير وإجراءات وخطوات عاجلة فعالة وشاملة تستهدف التقييم والتصحيح وبعيداً عن أية حسابات، سياسيا وأمنيا وقانونيا وعسكريا ومجتمعيا، تستجيب لطبيعة اللحظة وتحدياتها وقبل فوات الأوان، وتخرج الأمور عن السيطرة.