حرب حوثية على المنظمات الإغاثية.. استهدافٌ يضاعف المأساة
على مدار السنوات الخمس الماضية، هي أمد الحرب العبثية، لم تتوقَّف المليشيات الحوثية عن استهداف المنظمات الدولية على النحو الذي يضاعف من الأزمة الإنسانية.
ففي خطوة حوثية جديدة، هدَّدت المليشيات بطرد المنظمات الدولية العاملة في اليمن من المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقال نائب وزير حقوق الإنسان في حكومة المليشيات الحوثية "غير المعترف بها" علي الديلمي إنَّ المنظمات لم تقدم لليمنيين أي خدمة ترقى لما تروجه من شعارات إنسانية وصفها بـ"الزائفة".
وفي تهديد مُبطّن، وجَّهه لهذه الجهات الدولية الإغاثية، صرَّح المسؤول الحوثي بأنّه إذا "لم تقم المنظمات بعملها فإنه غير مرحب بها".
وضمن حلقات الاستهداف الحوثية، قال وكيل وزارة خارجية المليشيات محمد حجر إنّه ينبغي على المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني الالتزام بمبادئ النزاهة.
وقال أحمد العماد المسؤول بوزارة خارجية الحوثيين، إنّ آلية المساعدات الإنسانية لليمن أضحت محل جدل في الداخل وفي أروقة الأمم المتحدة، وعبّر عن رفضه لما أسماه "العبث" بالمساعدات الإنسانية، وقال: "نحن في محل تقييم آلية المساعدات المقدمة لليمن".
تحمل هذه التصريحات الحوثية هجومًا من نوع آخر على المنظمات الإغاثية الدولية، التي كثيرًا ما استهدفتها المليشيات على مدار السنوات الماضية وأعاقت أعمالها بشكل مباشر.
وقبل أيام، قامت المليشيات، ممثلة فيما يُسمى المجلس السياسي الأعلى، بإنشاء المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، كمظلة لنهب المساعدات، وتجييرها لصالح الانقلابيين، والاستحواذ على أموال المنظمات العاملة في اليمن.
ويتم خصم نسبة 2% من كل مشروع يتم الموافقة عليه من قبل المانحين، لصالح ما يُسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أنشأته كبديل عن وزارة التخطيط لتضمن نهب مزيد من الأموال.
وتتحكّم مليشيا الحوثي بنطاق عمل المنظمات وأماكن الاستهداف في مناطق سيطرتها، بالإضافة إلى احتكارها قوائم المستهدفين، ومنع أي منظمة من القيام بأي مسح ميداني، وذلك لتضمن المليشيات وصول المساعدات مقاتليها، والمتاجرة بها في السوق السوداء.
إقدام المليشيات الحوثية على هذه الممارسات تكشف عن الوجه الإرهابي لهذا المعسكر، الذي يستهدف تأزيم الوضع الإنساني لإطالة أمد الأزمة وتكبيد المدنيين أعباءً ثقيلة.
وفي وقتٍ سابق، كشفت مصادر "المشهد العربي" أنّ مليشيا الحوثي تعتزم مطالبة المنظمات الدولية العاملة في صنعاء ومناطق سيطرتها بتقديم إقرار مالي حول أنشطتها والمشروعات التي تنفّذها وإتاحة سجلاتها المالية أمامها للتدقيق في حساباتها.
الإجراء الحوثي الجديد يأتي - بحسب المصادر - في إطار التنافس بين القيادات الحوثية على أموال المنظمات الدولية، وأوضحت المصادر أنّ القيادي الحوثي علي العماد المعين رئيساً للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وبدعم من القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي يعتزم مطالبة المنظمات الدولية بفتح سجلاتها للتدقيق في حساباتها المالية.
وتهدف هذه المطالبة، سحب البساط من ما يسمى الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التي أنشاها الحوثيون للإشراف على عمل المنظمات الدولية.
هذه الهيئة يديرها القيادي الحوثي عبد المحسن الطاووس، ويرأس مجلس إداراتها القيادي الحوثي أحمد حامد المعين من المليشيا مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية والمحسوبين ضمن جناح القيادي الحوثي النافذ محمد علي الحوثي عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى.
ويسعى المشاط، بحسب المصادر، من خلال "العماد"، الدخول في قطاع المنظمات للحصول على حصته، بعد أن أصبح هذا الجانب حكرا على جناح محمد الحوثي .
وبيَّنت المصادر أنَّ ما تُسمى الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية غير قانونية، ويهدف الحوثيون من خلالها ابتزاز المنظمات الدولية.
ولفتت المصادر إلى أنَّ الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو المعني بالتدقيق بحسابات الوحدات الإدارية للدولة، مؤكّدةً أنَّ كل طرف يستخدم نفوذه للوصول إلى أموال المنظمات التي ترضخ على تقديم رشاوى للقيادات الحوثية تحت مسميات التنسيق والتسهيل وغيرها من المسميات.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد اتهم مليشيا الحوثي بنهب المساعدات الإنسانية، وقال في تقرير له، إنّ المليشيات تنهب المساعدات من أفواه الجائعين، في وقتٍ يعاني المواطنون في صنعاء القابعة تحت سيطرتها من أوضاع قاسية وظروف اقتصادية صعبة، في ظل انعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وفي واقعة أخرى، أقدمت المليشيات الحوثية، على إتلاف مواد غذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، قالوا إنّها منتهية الصلاحية، وذلك بعدما صادرها الانقلابيون لفترات طويلة وتعمّدوا عدم توزيعها على المحتاجين بغية إطالة أمد الأزمة الإنسانية.