الانتقالي والاستقالات وأكذوبة الحراك!!

الانتقالي الجنوبي لم يأتِ بشعبٍ جديد ليفوّضه حاملاً لقضية الجنوب ومعبراً عن الإرادة الجمعية الجامحة نحو التحرير والاستقلال، فالشعب الذي خرج في العام 2007 رافضاً سياساتِ الاحتلال والإقصاء والتهميش هو الشعب ذاته الذي خرج في أكثرَ من ثلاث مليونيات لتفويض الانتقالي ومباركة توجّهاته ومناصرة مشروعه السياسي.
هذه الحقيقةُ الثابتة تدحضُ كلَّ الافتراءات التي تحاولُ أن تصوّرَ أن هناك حراك جنوبي منفصل عن المجلس الانتقالي كمشروعين سياسيين غير متلازمين، وإن كانا متفقين في الهدف؛ فالمجلس الانتقالي -في كل الأحوال- هو امتدادٌ طبيعي للحراك الجنوبي ومرحلةٌ متقدمة ومتطورة لذلك الحراك الشعبي، بمعني أن الحراك الجنوبي هو الحركةُ الثورية لشعب الجنوب التي وصلتْ اليوم إلى مرحلتها المتقدمة، سياسيا وعسكريا وعلاقات دبلوماسية وشراكة ندية وسيطرة وتواجد على الأرض واعتراف إقليمي ودولي، وهذه "المرحلة المتقدمة" لم يكنْ شعبُ الجنوب ليصلها لولا النهوضُ من وسط الركام وإعلان تأسيس الانتقالي؛ وبالتالي ليتعاطى مع طبيعة المرحلة وفقا لظروفها وأطرافها وطبيعة اللاعبين المحليين والإقليميين في معادلتها.

الحراكُ الجنوبي الحقيقي الذي هبّ من مرارةِ القهر والضيم والاستبداد هو ذاته المجلس الانتقالي بما يحمله اليوم من مشروعٍ تحرري وبما يمثله من رمزيةٍ جنوبية خالصة، ولم يبقَ من ذلك "الحراك" سوى أشخاصٌ نفعيون اقتضتْ براجماتيتهم أن يفضّلوا "اللعب" خارج الإجماع الجنوبي، بمسميات زائفة وادعاءات سمجة؛ فلم يكنْ من العدو إلا العزف على هذا الوتر وتغذية تلك الادعاءات ودعمها نكاية بالمجلس الانتقالي لاحبا في الجنوب ولا حرصا على التنوع والشراكة، لهذا فـ"الردّة" التي يعلنها بعض المحسوبين على الانتقالي تحت مسميات "الاستقالة" من المجلس وهيئاته هي في الأساس علميات استقطاب ممنهجة يشتغل عليها العدو وباستخدام أدوات جنوبية وجد فيها ضالته.
اللعب على وتر أن الانتقالي يحتكر تمثيل الإرادة الجنوبية أو أن الانتقالي لا يعبر عن تطلعات شعب الجنوب وقضيته العادلة، يعطي هؤلاءِ "المرتدين"، الأولين والأخرين ومن سيلحقهم، الحقَ بالعودة إلى الشارع الجنوبي لقياس حجمهم واختبار مدى قبول مشاريعهم، فالشعب هو "الترمومتر" الذي يعطي كل مكون أو حتى شخص حقه وحجمه ووزنه وقيمته بل وحتى ثمنه أن أراد!! فعودوا للشعب واعرضوا "بضاعتكم" ثانية إن لم تؤمنوا بعد بفشل "الائتلاف الوطني" و"الانقاذ الوطني" و"الحراك الجنوبي من طراز جديد" وأنها كلها مشاريع مضادة فاشلة وأن قادمكم سكون أكثر فشلا وخيبة!!

لا خوفَ على الانتقالي من تفريخ المكونات ولا قلق على إرادة شعب الجنوب من التزييف؛ فالقضية بحاملها السياسي وجناحها العسكري وشعبها الواعي والمتفهم بلغت مرحلةً من النضج السياسي والثبات على الأرض يستحيل معها التراجع إلى الوراء، وتخيب إزائها كل محاولات "المرتدين" والأعداء والمنتفعين.. هناك جزئية واحدة فقط قد تحمِل كل جنوبي حريص على الخوف والقلق والحذر، هي أن العدو وعملياتِ الاستقطاب والشراء تستهدف بدرجة أساسية لون مناطقي واحد ومحدد بجغرافيا معينة وفق مشرع قديم جديد يراهن عليه العدو ويجد فيه أرضيةً خصبة لضرب الجنوب في مقتل جديد؛ لذا ينبغي لقيادة الانتقالي التنبه والعمل بمسؤولية والتعامل مع أي "مرتد" كجنوبي غُرر به دون تصنيفات جهوية أو اعتبارات جغرافية كما يريد المخطط.!!