مقتل سليماني يربك الحوثي والإصلاح في اليمن

الجمعة 3 يناير 2020 20:01:00
مقتل سليماني يربك الحوثي والإصلاح في اليمن

رأي المشهد العربي

تدخل المنطقة العربية وفي القلب منها اليمن مرحلة جديدة، مع الإعلان عن مقتل جنرال الإرهاب الإيراني قاسم سليماني، والذي كان له الدور الأبرز في هندسة العمليات الإرهابية التي شهدتها العديد من البلدان العربية منذ العام 2011، وكان سبباً مباشراً في تمدد إيران خارجياً عبر دعم أذرعها الإرهابية في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

ويبشر مقتل سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي الموالي لطهران أبو مهدي المهندس، فجر الجمعة في ضربة أمريكية استهدفت سيارتهما قرب مطار بغداد الدولي، بانحصار الدور الإيراني الخارجي وانكفاء طهران على مشاكلها الداخلية مرة أخرى، في ظل صعوبات تواجهها في ملفات عدة على رأسها الأزمة الاقتصادية الداخلية والعقوبات الأمريكية عليها، وتبدد الاتفاق النووي الذي كان تعول عليه لمزيد من التوسعات الخارجية، ونهاية بمقتل عقلها المدبر لتلك الأدوار والذي كان أحد مهندسي العلاقة مع قطر وتركيا وتنظيم الإخوان الإرهابي.

العلاقة بين سليماني والمليشيات الحوثية في اليمن لم تكن ظاهرة كما الأمر بالنسبة لعلاقته بالحشد الشعبي في العراق مثلاً أو حزب الله في لبنان، غير أنه حرص على أن يكون عمله بالخفاء عبر وكلاء أرسلهم إلى اليمن، تحديداً منذ العام 2014 والذي شهد الانقلاب الحوثي على الشرعية، وهو أمر مستمر حتى الآن، وإن كان البعض من هؤلاء الخبراء قد جرى إرسالهم إلى مناطق أخرى تواجه فيها إيران مشكلات متصاعدة منذ الاحتجاجات في العراق ولبنان.

وبدا واضحا أن سليماني أراد أن يكسب ود المليشيات الحوثية التي تضررت بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، ولذلك فإنه سارع بدعمها معنوياً من خلال إشادته بها بشكل علني في سبتمبر الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ خمس سنوات، بالتزامن مع تبني المليشيات الإرهابية هجوماً على معملي نفط سعوديين.

وهي المرة الأولى التي تحدث سليماني عن الحوثيين باعتبارهم أحد الفروع التابعة إلى طهران، وكذلك فإن المليشيات الحوثية سارعت في أعقاب مقتله للتأكيد على أنها سترد بشكل سريع ومباشر على عملية استهدافه، لكن ذلك سيكون بمثابة انتحار للعناصر المدعومة من إيران لأنها تدرك تماما أنها خسرت الدعم اللوجيستي والعسكري الذي كان يقدمه سليماني لها.

بالتأكيد ستتأثر المليشيات الحوثية سلباً بمقتل سليماني وبحالة طهران التي أضحت أكثر ضعفاً في مواجهة المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، تأثير ذلك الضعف قد يكون عبر عن إعادة استراتيجية دعمها لبعض المليشيات الإرهابية، وكذلك إعادة النظر في تحالفها مع تنظيم الإخوان الذي سيتأثر سلباً هو الآخر لأن العلاقة بين الطرفين قائمة على التكامل العسكري مع الحرس الثوري وأذرعه في البلدان العربية.

في النهاية فإن مقتل سليماني يربك الخطط الإصلاحية الحوثية في اليمن، في ظل تدشين التعاون بشكل علني مؤخراً خلال مؤتمر كوالالمبور، لكن الآن الأوراق تبعثرت وسيضطر كل طرف لمراجعة حساباته، لأن قوة طهران كان ممتدة من قوة الحرس الثوري والذي تعرض لضربة قوية في أعقاب مقتل سليماني.