همس اليراع

رحم الله الفقيد علوي عبد الله ناصر

كان مسؤولا للأمن في مركز رصد من المديرية الغربية محافظة أبين، حينما توليت مهمة المدير لإعدادية رصد في العام ١٩٧٧م.
ذلك هو الفقيد علوي عبد الله ناصر اليزيدي، الذي تميز بالصمت وعدم الثرثرة، وشخصيا كنت اعاني صعوبة في الاقتراب منه واكتشاف شخصيته.
وتشاء الظروف أن يترقى لتولي مهمة مساعد مأمور المركز عندما انتقلت أنا إلى العمل الحزبي وتنشأ أسباب كثير لنتشارك الكثير من المهام والواجبات واسباب جديدة للقاءات والاجتماعات وتبادل المبادرات والأفكار.
هذا جعلني اكتشف شخصية أخرى غير تلك الشخصية الغامضة المحيرة.
الفقيد علوي عبد الله من الشخصيات الوطنية والسياسية والاجتماعية التي تركت بصماتها الواضحة في حياة أبناء مديرية رصد وسرار وسباج على مدى ما يقارب نصف قرن
علوي وافته المنية يوم أمس وقد تلقيت نبأ وفاته عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي.
كان علوي ينتمي إلى جيل زمن الثورة والاستقلال ونشوء النظام الوطني الجديد الذي جاء محمولا على مفاهيم وقيم ومعايير جديدة لم تكن مألوفةً في هذه المنطقة الريفية المعزولة عن العالم.
تشرب علوي مثل الآلاف من ابناء جيله بقيم الوطن والثورة والمستقبل والحرية والكرامة، والعدل والإخاء والنزاهة والتضحية، وهي وغيرها مفردات لم يألفها الأجيال ما قبل الاستقلال إلا القلة القليلة ممن أسعفهم الحظ للهجرة والدراسة في الخارج وقليلين ممن انخرطوا في النشاط المدني في العاصمة عدن.
كان علوي يتمتع برح بشوشة ومرحة ويمتلك القدرة على صناعة الطمأنينة والبهجة، وقدحظي بحب واحترام كل من تعامل معهم في المركز (رصد) الذي غدا اليوم ثلاث مديريات هي (رصد، سرار وسباح).
يصعب رصد المزايا التي تفوق بها علوي لكن يكفي أنه وبعد أن تم استبعاده من العمل بعد كارثة حرب ١٩٩٤م الظالمة مثل مئات الآلاف من الجنوبيين، عاد إلى منزله واولاده نظيف اليدين لم يمتلك رصيدا بنكيا ولا اسهما في شركة ولا عقارا في مدينة ولم يسط على حق خاص او عام، بل عاد إلى أحضان شجرة البن الجميلة في وادي شعب العرب الشهر بزراعتها، واعتمد على نفسه وجهده في تدبير مقتضيات حياته دون ان يشكو جورا أو يتزلف حاكما أو يتخلى عما آمن به من قيمٍ ومُثُلٍ ومبادئَ.
رحمك الله يا رفيقي العزيز وأسكنك فسيح جناته.
ولا يسعني في هذا المقام الحزين إلا أن اتقدم بصادق آيات العزاء والمواساة إلى اهله وأسرته وذويه ورفاقه ومحبيه، وأخص هنا ابناءه وأبناء اخيه عبد الله اليزيدي ود. صالح اليزيدي وصلاح علي عبد الله وكل آل اليزيدي وجَميع محبيه في رصد ويافع وابينَ
وإنا لله وإنا إليه راجعون