مرة أخرى.. هزيمة الذات الأنانية انتصار للجنوب وقضيته
صالح شائف
- من يصنع السلام في اليمن ولصالح من وعلى حساب من؟
- حرمان الجنوب من ثرواته ومنعه من استعادة دولته
- هذا رأينا بعملية التسوية ومتطلبات القبول الجنوبي بالتفاوض
- باستشهاد البطل والقائد الإستثنائي عبداللطيف السيد.. الجنوب يدخل مرحلة الحسم
كنت قد كتبت وتحت عنوان (هزيمة الذات الأنانية.. انتصار للجنوب وقضيته) وفي لحظة عصيبة ومرتبكة اختلطت فيها مشاعر الفخر والفرح بالانتصار على جحافل الغزو الثاني على الجنوب وبالقلق والخوف من المجهول في قادم الأيام، وقد نشر تحديدا في 27 أكتوبر عام 2015م، وكانت الآمال رغم كل ذلك تتجه وبتفاؤل شديد نحو المستقبل من خلال الانتقال إلى مرحلة جديدة ونوعية من العمل السياسي والوطني تتغلب فيها مصلحة الجنوب العليا على ما عداها، وتحت سقفها تتحد الإرادة والموقف وتتشابك الأيادي من أجل المستقبل!
وهنا ولخطورة اللحظة وأهمية وحدة الصف الوطني التي دعونا لها في حينه ومازلنا ندعو لذلك وبإلحاح شديد، فإننا نعيد إنزاله ونشره مرة أخرى وكما كان نصا في حينها، لأنه ما زال محتفظا بجوهره وأهميته، بل إن الظروف القائمة على خطورتها كانت مبررا مقنعا لنا في ذلك ودافعا لإعادة إنزاله ووضعه مرة أخرى أمام القيادات المختلفة، ومعها كل النخب السياسية والفكرية والإعلامية والمجتمعية ونشطاء العمل السياسي، لعل في ذلك ما يستحق التأمل والتوقف عنده جديا والإجابة على السؤال الملح الذي ينتصب أمام الجميع اليوم، وهو: كيف لنا أن نغادر الماضي ونبني الحاضر على قواعد وأسس جديدة، وننتصر للمستقبل الذي ينشده الشعب ولا يقبل التفصيل على مقاسات الأفراد ورغباتهم وأمزجتهم ومصالحهم الشخصية؟! أو كما تريده بعض مجموعات المصالح الخاصة التي تتعارض مع مصالح الشعب العليا وأهدافه النبيلة والمشروعة، ويتطلبه كذلك الفعل التاريخي المستجيب لتطلعات شعبنا وحقوقه الوطنية ويصون الدماء والتضحيات الغالية التي قدمت وما زالت تقدم إلى يومنا هذا من أجل حريته وكرامته وسيادته الوطنية.
وقد كتبنا حينها وكما أشرنا أعلاه في 27 أكتوبر 2015م ما يلي:
ما نعيشه جنوبا في هذه الظروف هي مرحلة تحولات استثنائية خطيرة جدا ولم تتحدد ملامحها النهائية بعد، وهنا بالضبط يكمن الخطر الأكبر الباعث على القلق والخوف من المجهول، وهي في نفس الوقت فرصة تاريخية نادرة للملمة الصفوف وعدم الالتفات لسلبيات الماضي أو استحضار المواقف الخاطئة التي وقع فيها الجميع تقريبا هنا وهناك وبدرجات متفاوتة بالتأكيد وتحت ضغط وتأثير الكثير من العوامل والظروف المختلفة (الموضوعية والذاتية) السياسية والاجتماعية والاقتصادية كذلك والمحكومة بمكانها وزمانها، وأن يثبت الجميع انحيازهم الحقيقي والصادق للجنوب وبعيدا عن التمسك بأوهام (الوحدة) التي تتمسك بها عصابات صنعاء الإجرامية، والفرصة متاحة لمن لا زالوا يعملون ضد إرادة شعبهم بوعي أو بغير وعي وبدوافع وحسابات ذاتية ضيقة وآنية (مادية كانت أم معنوية)، وهي ضارة بهم قبل غيرهم في كل الأحوال، والقرار بيدهم في هذه اللحظات المصيرية المناسبة لاتخاذ مثل هذه الخطوة الوطنية الشجاعة التي ستحسب لهم لا عليهم، وهي متاحة لهم وهم وحدهم القادرون طوعا على فعل ذلك دون غيرهم ولن يعيبهم التأخر في ذلك بشيء، بل ستكون محل ترحيب وتقدير وابتهاج كل الوطنيين الجنوبيين الذين يعملون وبكل طاقاتهم من أجل وحدة الصفوف ولملمة الأوراق الجنوبية المبعثرة.
نتمنى أن ينتصر الجميع للجنوب الأرض والتاريخ والإنسان، لأن ذلك وببساطة يعني الانتصار للمستقبل وهو البوابة الواسعة المفتوحة أمام الجميع وللجميع، أما الماضي وكما كررنا ذلك مرارا فلا نستطيع تغييره ولا حتى تعديله، وفقط نستطيع جميعا الاستفادة من دروسه وعبره الغنية وتوظيفها في خدمة الحاضر المعاش وجعله منصة فسيحة للانطلاق نحو المستقبل الرحب المنشود والآمن للأجيال القادمة، وما ينبغي علينا إدراكه وبوعي كامل بأن هزيمة الذات المفرطة بالأنانية والمنتفخة بأوهام الزعامة والتفرد والتميز القيادي إنما هو انتصار للجنوب وقضيته الوطنية وسيكون ذلك شهادة وطنية حقيقية لمن يقدمون على خطوات ملموسة من هذا النوع إثباتا لمصداقيتهم وإخلاصهم للجنوب وسيرفعهم الجميع على رؤوسهم بتقدير واعتزاز كبيرين.
فالتنازل هنا لا يمس الكرامة الشخصية للأفراد عندما تكون من أجل الوطن وقضاياه الكبرى، بل على العكس يمنحهم ذلك قيمة مضافة عند الناس وفي سجل التاريخ الوطني الذي يشكل الوعاء الحاضن والحافظ لكل الأفعال الوطنية المشرفة للأفراد والجماعات، وهو وحده المنصف للحق والناطق باسم الحقيقة التي يسقط دونها كل الزيف وأباطيل الادعاءات بالبطولات والأدوار المتميزة والاستثنائية لهذا الفرد أو ذك دون تعميد من الناس وبغير شهادة من الواقع، ونستطيع التأكيد هنا بأن الواثقين من أنفسهم وبقدراتهم على العطاء ومن أي موقع كان وبأية صفة كانت هم وحدهم القادرون على تغليب مصلحة الجنوب وتقديم التنازلات التي تطلبها هذه المرحلة الحرجة والحساسة، أما أولئك الذين يبحثون عن الأضواء والنجومية (الوطنية) ودون تقدير لخطورة الأوضاع وغياب روح الشعور بالمسؤولية عندهم فلا ينبغي التعويل عليهم كثيرا وستتجاوزهم الأحداث والزمن وسيتركهم الجميع في محطة (الأنا) القاتلة ولن يسلموا من عقاب التاريخ وعتاب الناس في أحسن تقدير!