نقل التقنيات العسكرية.. كيف جاهرت إيران بدعمها للحوثيين؟
بعدما حاولت إيران إخفاء دعمها المسلح للمليشيات الحوثية على مدار السنوات الماضية، خرجت طهران بتصريح غير معتاد، كشفت فيه عن دعمها لهذا الفصيل الإرهابي.
ففي أول مرة تكشف فيها إيران عن مدى قدرة تواجدها الفعلي في اليمن منذ بدأت الحرب قبل خمس سنوات، أكّد أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي إنّ طهران تمكَّنت من نقل تقنياتها العسكرية إلى لبنان وفلسطين واليمن عبر قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في إطار مساعيها لتصدير الثورة الإيرانية.
رضائي في مقابلة بثتها قناة الميادين، هاجم السعودية وزعم أنّ المملكة تعرضت لضعف شديد وباتت غير قادرة على مواجهة دولة فقيرة كاليمن، وأضاف: "الخطوة الثانية للثورة الإيرانية بدأت بمواجهة اقتصادية وسياسية وعسكرية جادة مع أمريك.. هدف إيران في المواجهة الجديدة هو إخراج الولايات المتحدة من المنطقة ونحن جادون للغاية".
ويمكن القول إنّ الدعم الإيراني للحوثيين على مختلف الأصعدة مثّل أحد أهم الوسائل التي مكّنت المليشيات من إطالة أمد الحرب إلى الوقت الراهن.
وكان تقرير أممي قد صدر قبل أيام، تحدّث عن الانتهاكات المحتملة لحظر الأسلحة المستهدف، حيث لاحظ اتجاهين رئيسيين، الأول هو نقل الأجزاء المتاحة تجاريًّا مثل محركات الطائرات بدون طيار، والمحركات المؤازرة والإلكترونيات، والتي يتم تصديرها من البلدان الصناعية عبر شبكة من الوسطاء إلى الحوثيين، والثاني أنّه لا تزال قوات الحوثيين تتلقى الدعم العسكري في شكل بنادق هجومية وقاذفات قنابل صاروخية وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، فضلاً عن أنظمة صواريخ كروز أكثر تطورًا، وبعض هذه الأسلحة لها خصائص تقنية مشابهة للأسلحة المصنعة في إيران.
وبالنسبة للأجزاء التجارية والأسلحة، يقول التقرير أن طريق التهريب الرئيس يمر عبر الأراضي التي تسيطر عليها حكومة الشرعية من عمان والساحل الجنوبي لليمن باتجاه صنعاء.
وبحسب تقرير الخبراء، يشير الاستيلاء الكبير على مركب شراعي من قبل البحرية الأمريكية، ويحمل صواريخ في 25 نوفمبر 2019 في بحر العرب إلى أنه، كما في السنوات السابقة، يستمر النقل البحري في لعب دور في الانتهاكات المحتملة للحظر المستهدف للأسلحة.
ويسمح غياب سيادة القانون والرقابة في اليمن بالإثراء غير المشروع لعدد من رجال الأعمال المفترسين - بعضهم يشغل مناصب رسمية في المؤسسات العامة، وضمن هذا السياق ومع عدم وجود أي مساءلة، فإن الثروة المحلية والمساعدات الخارجية يتم تحويلها أو فقدانها بشكل متزايد بسبب الممارسات الفاسدة من قبل المسؤولين في حكومة الشرعية والحوثيين، ووضع الطرفان عقبات أمام تمويل استيراد البضائع وكذلك التأخير في السفن التي تحملها إلى اليمن كأدوات للحرب الاقتصادية.
ووجد التقرير مؤشرات على الإثراء غير المشروع من خلال التلاعب في أسعار صرف العملات الأجنبية من قبل البنك المركزي في العاصمة عدن، مع تورط الحوثيين في حالات انتهاك تدابير تجميد الأصول عن طريق السماح بتحويل الأصول المجمدة والأموال العامة من خلال عقود وهمية لصالح الأفراد الذين يعملون لصالح زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، ومن بينهم صالح مسفر الشاعر وهو القيادي الحوثي المسؤول عن اللوجستيات، وكان عاملًا فعالًا في تحويل الأموال بشكل غير قانوني من خصوم الحوثيين.
وكانت إيران قد حاولت فرض إطار من السرية على علاقاتها مع المليشيات الحوثية والدعم المسلح الذي تقدمه لها، فقد انتقل هذا الدعم إلى العلن، عبر صفقة عسكرية أبرمت بين الطرفين.
فقبل أيام، وقّعت المليشيات الحوثية اتفاقًا عسكريًّا مع إيران، وذلك خلال اللقاء الذي جمع سفير الحوثي لدى طهران إبراهيم الديلمي مع وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، اللذان انتشرت لهما صورة من لقائهما في طهران.
الاتفاق الذي يُمثّل صفقة رسمية بين الطرفين، حسبما كشف موقع "ميدل إيست مونيتور" الذي أشار أيضًا لما بثته وسائل إعلام المليشيات من تصريحات متبادلة بالإشادة بالتعاون المشترك بين الحوثيين وإيران.
الحديث عن هذه الصفقة الإيرانية الحوثية جاء بعد رصد ترتيبات لضباط في الحرس الثوري لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في البحر الأحمر، حيث تردَّد ضباط إيرانيون على مدينة 7 يوليو شرقي محافظة الحديدة، في إطار الترتيب لهذه العملية التي تقتضي الترتيبات لعملية يتبناها الحوثيون لاحقًا.
انتقال العلاقات الحوثية الإيرانية إلى العلن، جاء بعد سنوات من السرية على هذه العلاقات، لكنّ كانت تصدر اعترافات مبطنة من قِبل طهران، ومن ذلك ما صرّح به رئيس الأركان الإيراني محمد باقري - قبل أسابيع - بأنّ الحرس الثوري يُقدِّم خدمات استشارية لميليشيا الحوثي، وذلك في حوارٍ مع قناة "فونيكس" الصينية خلال زيارته لبكين.
في الحوار، حاول باقري أن ينأى بإيران عن مسؤولية إرسال الصواريخ والأسلحة إلى الحوثيين الذين تدعمهم طهران قائلاً إنّ اليمن محاصَر وكل الطرق إليه مسدودة، إلا أنّه عاد مرة أخرى لينكر إرسال إيران أسلحة إلى الحوثيين، واصفًا تلك المعلومات بـ"الكاذبة"، لكنه في الوقت نفسه قال إن بلاده تقدم الدعم الاستشاري والفكري للمليشيات.
وأضاف أنّ مسؤول القيام بذلك هو الحرس الثوري، فيما لم يوضح طبيعة الدعم الاستشاري والفكري (الآيديولوجي) للحوثيين، لكن إيران استخدمت في السنوات السابقة تسمية "الاستشاري" لوصف قوات فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري والميليشيات المسلحة التي تحظى بدعم لوجيستي من إيران.
حملت تصريحات المسؤول العسكري البارز اعترافًا بدعم إيران للحوثيين، لكنّه حاول الابتعاد عن الدعم المسلح للمليشيات، على الرغم من عديد الأدلة التي فضحت حصول الحوثيين على عتاد عسكري متنوع من إيران.