حدائق الموت بالحديدة.. موت حوثي يُزرع في جنح الظلام
في ظلمة الليل وعندما يجنح الظلام، تلجأ المليشيات الحوثية إلى زراعة "ألغامها" الفتاكة التي تنال من المدنيين وتستهدفهم بشكل مباشر وعلى صعيد واسع.
مصادر عسكرية كشفت أنّ المليشيات الحوثية توسَّعت خلال الأيام الماضية، في زراعة الألغام التي تُوصف بأنّها "حدائق موت" في محافظة الحديدة.
وبحسب المصادر، فقد استقدمت مليشيا الحوثي خبراء المفرقعات والعبوات من محافظة صعدة بينهم أجنبيان، قد تمّت مشاهدتهم في زبيد والـحسينية وبـيت الفقــية على متن سيارة مدنية غير مصفحة.
تحركات هذه العناصر تكون في المساء عند جنوح الظلام، يشرفون على دراسة المواقع وأماكن تركيب حقول ألغام.
وأعادت فرق هندسية تابعة لمليشيا الحوثي زراعة حقول الألغام والعبوات الناسفة لا سيما في مينائي الصليف ورأس عيسى وسيتي ماكس ومدينة الصالح والكيلو ١٦.
المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت الحرب، واستطاعت السيطرة على المؤسسات العسكرية والأمنية في معظم المناطق، ومنها الساحل الغربي الممتد من محافظة الحديدة وحتى باب المندب، المنفذ البحري الأهم في العالم، لجأت إلى إفراغ المعسكرات من الترسانة العسكرية بمختلف أنواعها ونقلها إلى المعسكرات الخاصة بها وأخرى قامت بتخزينها في كهوف الجبال.
الألغام والعبوات الناسفة مختلفة الأحجام والأشكال والأنواع كانت أحد أخطر الأسلحة التي وضعت المليشيات يدها عليها، بالإضافة إلى الدعم الذي كانت تتلقاه من إيران قبل تحرير مناطق واسعة من الساحل الغربي عبر ميناء الحديدة ويعد من أهم الموانئ الرئيسية في اليمن، جعلت شهية الحوثيين تزداد شراهة لزرع المزيد من أسلحة الموت والدمار في المنطقة.
وفي مطلع فبراير الجاري، كشفت منظمة "رايتس رادار" الهولندية عن مقتل 580 شخصًا، بينهم 104 أطفال و60 امرأة و416 رجلاً، في انفجار ألغام زرعتها مليشيا الحوثي الإيرانية.
وقالت المنظمة في تقرير تحت عنوان ( اليمن : حدائق الموت)، إنّ الصراع المسلح الذي يشهده اليمن منذ 2014 ولا يزال مستمرًا، جرت فيه أكبر عملية زرع للألغام الفردية والمضادة للمركبات والعبوات الناسفة والمتفجرة في تاريخه الحديث.
وبحسب التقرير، تصدّرت محافظة تعز قائمة الضحايا، بعدد بلغ 160 قتيلاً، تليها محافظة الحديدة بعدد 114 قتيلاً، والبيضاء بعدد 94 قتيلاً.
ورصد التقرير تعرض 428 مدنيا لإعاقات جسدية، بينما بلغ عدد الجرحى العسكريين 173 شخصا، محملا مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران المسؤولية عن سقوط العدد الأكبر من ضحايا الإعاقة.
وطالبت المنظمة، مليشيا الحوثي الإرهابية بالتوقف عن زراعة الألغام بكافة أشكالها وأحجامها والكف عن صناعة العبوات الناسفة ومختلف أشكال المتفجرات، وتدمير مخزونها.
ودعت الأمم المتحدة إلى استخدام صلاحياتها في ممارسة الضغط الدولي على المليشيا الإرهابية لوقف زراعة الألغام بكل أنواعها.
وأصبح اليمن بفعل الإرهابي الحوثي، أكبر دولة مغلومة على مستوى العالم، حيث زرعت المليشيات أكثر من مليون لغم أرضي منذ بدء الحرب، ما جعلها أكبر دولة ملغومة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويقول القائد السابق للقوات البريطانية الجنرال سير مايكل جاكسون إنّ آثاراً مروعة ستخلفها مئات الآلاف من الألغام الأرضية التي زرعتها مليشيا الحوثي، معتبراً أنّها "محنة طويلة الأمد".
جاكسون أوضح أنّ "الإرث الأكثر ديمومة للحرب هو الخسائر البشرية المروعة لهذه الألغام التي خلفها الحوثيون هناك"، وأضاف: "حجم التحدي هائل، بسبب وجود عدد كبير جدًا من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة التي تم زرعها هناك، إلى جانب بقايا الذخائر غير المتفجرة، التي يتبين من كثير منها أنها من إيران وحزب الله".
وأشار إلى أنّ الأمر الأكثر قلقًا، أنّ هذه الألغام تستهدف المدنيين، مع وجودها داخل المنازل والحقول والموانئ، لكنّ بعيدًا عن تسبُّبها في وقوع ضحايا بين صفوف المدنيين، لافتًا إلى أنّ هذه الاستراتيجية جعلت العودة إلى الحياة الطبيعية أمراً بالغ الصعوبة في تلك المنطقة التي تحررت من سيطرة الحوثيين، وستكون عملية إعادة بناء البنية التحتية الأساسية التي دمرتها الحرب، أكثر صعوبة بكثير وأبطأ وأكثر إيلامًا.