إستعادة الدولة .. بين آلية فك الإرتباط وإشكاليات الإستفتاء !

كثر الحديث في الآونة الٱخيرة حول موضوع الإستفتاء وبدوافع وخلفيات وٱهداف مختلفة تماشيا مع ٱزدياد حركات الإنفصال لٱقاليم عدة حول العالم عن الدول المركزية المعاصرة ولأسباب وعوامل ومبررات متعددة ومختلفة وطريقها القانوني والشرعي  لتحقيق ذلك والمثبت والمعترف به كحق أساسي في ميثاق الأمم المتحدة وغيره من المواثيق والإتفاقيات الدولية الضامنة لحق الشعوب في تقرير مصيرها والمتمثل بالإستفتاء وهو المحكوم — كإجراء ونتائج — بأوضاع وظروف تاريخية متعددة تختلف من بلد إلى أخر وحسب ما تفرضه الآوضاع الملموسه والتوازنات الداخلية والظروف المحيطة بكل بلد .


 غير أن قضية الجنوب مختلفة ولها وضعها القانوني الخاص وطابعها التاريخي المتميز ؛ ولها آيضا وسائلها المختلفة والتي تتجسد بالنضال المتعدد الأشكال والوسائل بما في ذلك الحوار والتفاوض مع كل المعنيين بالجنوب وقضيته — يمنيا وإقليميا ودوليا —  بشٱن  إستعادة الجنوب لدولتة الوطنية المستقلة وعبر آلية فك الإرتباط كوسيلة سلسة وأسلوب قانوني منظم بعد أن وصلت الٱمور إلى ما وصلت إليه وإنتهاء عقد  ( الوحدة ) عمليا بين الدولتين وتحول الٱمر بعد حرب ٩٤م العدوانية  ضد الجنوب إلى إحتلال مباشر له وبأسم الوحدة وشعارها.


 لذلك يبقى الإستفتاء في الجنوب ٱمرا مختلفا بإختلاف القضية وجوهرها التاريخي ؛ وأدعو هنا — مخلصا — الجميع لفتح النقاش السياسي والوطني والقانوني الشامل والعميق للوقوف آمام جدواه وتناسبه مع وضع الجنوب وقضيته ؛ وأن تم التوافق عليه كضرورة وطنية فينبغي ٱن تكون له آلية مختلفة كما نتصور وأن يختار شكلها أبناء الجنوب أو بموافقتهم عليها وبما لا يتعارض مع المعايير الدوليه مع الأخذ بعين الأعتبار والتمييز بين ما كانت عليه خارطة التركيبة الديمغرافية قبل عام ١٩٩٠م  وما حصل عليها من إخلال مقصود وممنهج بعد ذلك العام ؛ وعلى أن تتضمن ضوابط كافية تمنع الإلتفاف وبأي شكل كان على إرادة الجنوبيين أو تدليس لقرارهم وخيارهم المجسد لحقهم غير القابل للإنكار أو المصادرة أكان ذلك الإستفتاء متعلقا بإستعادة دولتهم كاملة السيادة وبحدود ٢١ مايو ١٩٩٠م أو تعلق بدولة إتحادية من إقليمين ولفترة زمنية محددة أو بصفة دائمه أو تعلق ذلك الإستفتاء بإقامة  إتحاد كونفيدرالي بين الدولتين الشقيقتين ؛  لأن الإنفصال لا ينطبق بأية حال من الأحوال على وضع الجنوب كما هو الحال في بعض دول العالم ؛ فالجنوب كان دولة ذات سيادة معترف بها دوليا بل وكانت العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن والممثل للمجموعة العربية في الأمم المتحدة حين تم الإتفاق والإعلان عن مشروع الوحدة بين قيادة الدولتين في كل من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية .



أن إشكاليات متعددة وتعقيدات وتحديات كثيرة تنتظر الإرادة الوطنية والعقل السياسي الجنوبي وهو يبحث عن الوسيلة المثلى لإستعادة الحق الجنوبي وبأقل تكلفة وأقصر وقت ممكن وبأدوات ووسائل تضمن النجاح المأمول بعيدا عن العشوائية أو الركون على خيارات الإعتماد على العوامل الخارجية رغم أهميتها أو فرض وإختزال الحل عبر وسيلة محددة وما قد يترتب عليها من تداعيات غير محسوبة جيدا وأن تؤخذ الأمور بشموليتها وتشابكها وأن توزن كل خطوة بميزان الذهب بعيدا عن العواطف وسؤ التقدير وآن يتم التأكد من صلابة الأرض تحت الأقدام عند كل خطوة ومعرفة ما تخبئه زوايا الظل ونقاط الغموض التي ما زالت تكتنف المشهد السياسي داخليا وخارجيا وبصورة تبعث على القلق والخوف معا ..



أن الطريق الآمن والمضمون لتحقيق الهدف الوطني المشروع للجنوب يتمثل بضرورة تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية وتماسك صفوفها وعبر الحوار المسؤول والمباشر من قبل مختلف القوى والمكونات الجنوبية مع المجلس الإنتقالي وبلغة الصدق والوضوح والمصارحة من قبل الجميع مع الجميع  لتجاوز حالات التجاذبات ٱو إختلاق الأعذار غير المبررة وغير المقنعة والتي لم تعد مفهومة في هذه الظروف الدقيقة التي تتطلب  وحدة كل القوى والإمكانيات ليكون بمقدور الجنوب والجنوبيين مواجهة كل التحديات الجدية والمخاطر الحقيقية معا ؛ ووأد كل محاولات إشعال نار الفتنة فيما بينهم وجعل ذلك أولوية مطلقة للجميع وبغير ذلك فقد يكون الندم هو ما ينتظر الجميع ..