ألغام الحوثيين بتعز.. مأساة مستمرة

السبت 23 ديسمبر 2017 04:03:31
ألغام الحوثيين بتعز.. مأساة مستمرة
الاتحاد الاماراتية

دليلة وابنة عمها شابتان في مقتبل العمر تختزلان قصه مأساوية تحكي حجم الجُرم الذي يرتكبه الانقلابيون بحق اليمنيين..

اغتال لغم حوثي زرعته الميليشيات في منطقة الشقب بمديرية صبر جنوب مدينة تعز أحلامهما، حيث جعل إحداهما بلا رجلين، والأخرى بطرف واحد ومشوهة الجزء الأيمن من الجسد!


هما الآن بأمس الحاجة لأطراف اصطناعية تساعدهما على المشي مجدداً، حيث إن الحصول على الأطراف أمر صعب بالنسبة لهما، فالظروف الاقتصادية التي يعيشانها لا تسمح لهما بالسفر وتركيب أطراف اصطناعية، فهما بالكاد تستطيعان دفع إيجار الغرفة التي يسكنانها.

تقول دليلة لـ «الاتحاد»: كنتُ مخطوبة وعرسي قريب، لكن إصابتي حالت من دون إتمام الزفاف.. تقاطعها....: رجعنا زفيناها للمستشفى!! وألحقتا الكلام بضحكات صفراء، محشوة بالحسرة...

قصة دليلة واحدة من بين مئات القصص المأساوية التي خلفتها ألغام الميليشيات بتعز ومدن يمنية، أخرى، فالشاب ربيع علي مصلح العيزري، البالغ من العمر 23 عاماً، من أبناء مدينة تعز، يعيش في صدمة فقدانه ساقه اليمنى بسبب تعرضه لانفجار لغم أرضي في منطقة الجحملية مدينة تعز، جنوب غرب اليمن، في منتصف يونيو.

يقول ربيع الذي لا يزال يتلقى العلاج في أحد المستشفيات في مدينة تعز: «لم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى. كان يوماً كارثياً قلب حياتي رأساً على عقب». وكان ربيع يعيل أسرته من خلال دراجته النارية، لكنه أصبح اليوم مقعداً، وأصبحت أسرته بلا معيل لها».

بالأرقام، حصدت الألغام التي زرعها الحوثيون في تعز منذ أكثر من عامين أرواح عشرات المدنيين، وخلفت مئات المصابين.


تقول الطبيبة في مستشفى الثورة بمدينة تعز المضطربة، أسمهان السياني: «نستقبل أسبوعياً ما بين ثلاث إلى خمس حالات، لمصابين بانفجار لغم، ولا يمر أسبوع من دون أن تصلنا حالات من هذا النوع». من جهة أخرى، كشف الجيش الوطني بمحافظة تعز، عن وجود خبراء ألغام إيرانيين يعملون مع المليشيات في جبهات القتال، وتتركز مهمتهم على زراعة الألغام بأنواعها المختلفة، إضافة إلى صناعة ألغام وعبوات ناسفة مموهة بأشكال غريبة.

وأشارت تلك المصادر إلى أنه وبعد تقدم الجيش الوطني في جبهة القصر الجمهوري شرق المدينة، وأثناء السيطرة على أحد المنازل التي كانت تتمركز فيها مليشيا الحوثي، تم العثور على ألبوم صور يحتوي على صور مجموعة من مقاتليهم يقومون بزرع الألغام والعبوات الناسفة في الأزقة وغرف المنازل والحمامات والممرات.

وأضافت أن الجيش الوطني عثر على صور لأماكن وضع الألغام كي يستخدمها مقاتلو الميليشيات في تعريف بقية مقاتليهم الجدد بأماكن وجود العبوات حتى لا تنفجر فيهم.

ولفتت إلى أنه بعد العثور على تلك الصور تَبَيّن أن الخبراء الذين قاموا بزرعها وتثبيتها وإخفائها بطريقة مرعبة ليسوا من اليمنيين.

ونوهت مصادر الجيش الوطني إلى أن التحقيقات تَجري لفحص المضبوطات حول الألغام لإثبات تورط إيراني المباشر في العمل العسكري الميداني مع المليشيات.

ولا تزال كميات كبيرة من الألغام المزروعة في المناطق التي كانت تحت سيطرة الانقلابيين تُهدد حياة اليمنيين بشكل يومي.

جرائم حرب

اتهمت منظمتا «العفو الدولية»، و«هيومن رايتس ووتش» الحوثيين مراراً، باستخدام ألغام أرضية مضادة للأفراد، ما تسبب بقتل مئات المدنيين وتشويههم، وتعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة.

وطالبت «هيومن رايتس ووتش» طرفي الحرب في صنعاء في أبريل الماضي بالتوقف فوراً عن استخدام هذه الأسلحة، والالتزام بـ «اتفاقية حظر الألغام» التي انضم إليها اليمن عام 1998.

وحذرت المنظمة الدولية أن استخدام الألغام الأرضية «ينتهك قوانين الحرب»، وأن الأفراد المتورطين بزرعها يرتكبون «جرائم حرب».

ألغام في مناطق سكنية

وحسب منظمة «مواطنة»، وهي منظمة محلية معنية بحقوق الإنسان، «زُرعت معظم الألغام في مناطق سكنية وطرق عامة وشوارع رئيسة ومنازل ومزارع». ويؤكد طه ياسينو، وهو مسؤول الإعلام والاتصال في منظمة «مواطنة»، أن «الألغام زرعت في مناطق انسحب منها مقاتلو الحوثيين»، لكنه لم يستبعد مسؤولية الجماعات الإرهابية، عن زراعة الألغام. «نحن لا نزال بصدد البحث والتحقق من ذلك»، يقول ياسين.

مركز للأطراف الاصطناعية

صرح مدير مركز الأطراف الاصطناعية والعلاج الطبيعي بتعز، الدكتور منصور الوازعي، لـ«الاتحاد»، بأن الإحصائية العامة للمبتورين في تعز وصلت إلى ما يقارب 400 حالة، المركز يعد الوحيد في المحافظة، وقد ظل مغلقاً لما يقارب السنة في فترة الحرب، وتم إعادة فتحه من قبل «مبادرة معاً لن نقهر» بتاريخ 1-5-2017، منذ ذلك التاريخ استقبل مركز الأطراف 270 حالة بتر، منها 33 حالة أطفال ما بين 5-18 سنة.

يقول الدكتور الوازعي: «إن ما يقارب 60 % من الحالات بترت أقدامهم بسبب الألغام الأرضية، فيما هناك ما يقارب 207 حالات حصلوا على أطراف من المركز منذ افتتاحه في شهر 5 العام الماضي، هناك ما يقارب 70 حالة في قائمة الانتظار لأخذ قياسات لها، ومن ثم تركيب أطراف اصطناعية».

وبما يتعلق بنوعية الأطراف الاصطناعية المتوافرة لديهم، يشير إلى أنها غير متطورة ولا تناسب أنشطة وأعمار المرضى، لأن معظم المبتورين من فئة الشباب، وهم بحاجة لأطراف اصطناعية ذاتية الحركة ومفاصل هيدرلوكية مرنة في حركتها، وتساعد على سهولة المشي والحركة.

ويحتوي المركز على قسم الأطراف الاصطناعية بشقيها العلوي والسفلي والجبائر التعويضية وكراسي المعاقين، بالإضافة إلى قسم العلاج الطبيعي والتأهيل الحركي، والذي فيه يتم عمل جلسات علاج طبيعي للمرضى، وإعادة تأهيلهم.