نزوح الجوف.. مدنيون يدفعون ثمن إرهاب الحوثي وخذلان الشرعية
يبدو أنّ سيطرة المليشيات الحوثية على مناطق واسعة بمحافظة الجوف بعد خذلان واضح من قِبل حكومة الشرعية، لا تقتصر على تطورات عسكرية بل يطال آثارها المدنيون كذلك.
مصادر حقوقية تحدّثت عن نزوح عشرات الآلاف من محافظة الجوف؛ تخوفًا من أعمال انتقامية حوثية تطول مدنيين بعد سيطرة المليشيات على مدينة الحزم، مركز المحافظة.
هذا الأمر يأتي بعدما باشرت المليشيات الحوثية، الموالية لإيران، أعمالًا انتقامية من سكان الجوف، ونازحين، رافقت سيطرتها على مدينة الحزم، إثر معارك عنيفة قاومت خلالها قبائل المحافظة لحوالي شهر ونصف من حين الهجوم الحوثي على المحافظة منتصف يناير الماضي.
واستقبلت مدينة الحزم عشرات الآلاف نزحوا إليها فرارا من مناطق ومحافظات واقعة تحت السيطرة الحوثية، ما ضاعف خشية نشطاء حقوقيين من توسع الأعمال الانتقامية من قِبل المليشيات لتشمل النازحين، وهو ما بدأه الحوثيون فعلًا من قتل واختطاف مع الساعات الأولى لوقوع المدينة في قبضتهم، بينها قتل أحد الأطباء من تعز يعمل بالمستشفى العام في الحزم.
وخلال هذا الأسبوع، استطاعت المليشيات الحوثية السيطرة على مناطق واسعة من محافظة الجوف، لا سيما الغيل والحزم، بعد خذلان واضح وصريح من قِبل حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
ويمكن القول إنّ مسلسل الخذلان الذي مارسته الشرعية في حجور والبيضاء وتعز، والتخبط الذي كان واضحًا في معركة نهم الأخيرة، يبدو أنّه يتكرر الآن في الجوف.
وتشير كافة التطورات العسكرية إلى أنّه لا يمكن التعويل على حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني في مجريات الحرب وسبل التعاطي معها.
ويعمل حزب الإصلاح على إطالة أمد الحرب باعتباره مرتبحًا بشكل رئيس من استمرار النزاع الراهن، سواء سياسيًّا أو عسكريًّا أو حتى ماليًّا، ومن أجل هذا الغرض يعمل الحزب الإخواني على فتح جبهات جديدة تُمكِّن المليشيات الحوثية من الاستمرار في حربها الشعواء.
المخطط الإخواني في هذا الإطار تضمّن ذلك تقوية علاقاته مع المليشيات الحوثية، وهي علاقات سيئة السمعة مثّلت طعنة غادرة من الفصيل الإرهابي المخترق لحكومة الشرعية بالتحالف العربي، على الرغم من الجهود الذي قدّمه التحالف لهذه الحكومة طوال السنوات الماضية.
وفيما حاول حزب الإصلاح فرض إطار من السرية على علاقاته مع الحوثيين، إلا أنّ هذه العلاقات فُضِح أمرها على صعيد واسع طوال الفترة الماضية، لا سيّما في أعقاب توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية في الخامس من نوفمبر الماضي.
العلاقات الحوثية الإخوانية تناولت مختلف الأصعدة، فعلى الجانب العسكري أقدم حزب الإصلاح على تسليم الحوثيين مواقع استراتيجية مع تجميد القتال في جبهات أخرى، وقد وصل الأمر إلى حد ابتزاز السعودية عبر تسليم المليشيات الموالية لإيران مواقع حدودية تُهدّد أمنها القومي.
يُضاف إلى ذلك صفقات تبادل الأسرى بين هذين الفصيلين الإرهابيين، التي فضحت حجم التقارب المروِّع فيما بينهما.
كل هذا العبث الحاد الذي أصاب المشهد هو أمرٌ يُكبِّد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة، بعدما تسبّب الاختراق الإخواني في إطالة أمد الحرب ومكَّن الحوثيين من التوسُّع في جرائمهم الإرهابية الغادرة.