قراءة في اعترافات بن دغر.. شرعية متبجّحة لا تملك رؤية
لم يكن ما كتبه القيادي النافذ في "الشرعية" أحمد عبيد بن دغر مستشار الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي حول سيطرة المليشيات الحوثية على محافظة الجوف، مجرد تباكيًّا مصطنعًا حول مجريات الأزمة، بقدر ما مثّل تلخيصًا واعترافًا من قِبل "الشرعية" حول العبث الهائل الذي تمارسه.
ففي تصريحاته، حاول "بن دغر" تحسين صورة حكومة الشرعية وإلصاق التهمة إلى التحالف العربي بعد سيطرة الحوثيين على الجوف، وذلك على الرغم من الجهود العظيمة التي قدّمها التحالف ودعمه الكبير لحكومة الشرعية طوال السنوات الماضية.
تصريحات "بن دغر" التي يرى كثيرون أنّها تحمل كثيرًا من "التبجُّح"، تبرهن على أنّ هذه الحكومة المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، تمارس عبثًا حادًا وتغيب عنها الرؤية بشكل كامل في إدارة الأزمة الراهنة.
وبشكل مفضوح، لوّح "بن دغر" بمسؤولية التحالف العربي عن أي تقدم حوثي في الفترة المقبلة، ضمن محاولات الشرعية لتحسين صورتها التي شُوِّهت أمام العالم أجمع بسبب جرائمها "الفظيعة".
ومن المؤكّد أنّ محاولات الشرعية لتغيير بوصلة الحقيقة ومخادعة العالم بشأن مجريات الأزمة ستبوأ بالفشل، فالحكومة التي تُنفِّذ أجندة قطرية - تركية قد فُضِح أمرها وأنّها سببٌ رئيسٌ في تعقيد الأزمة وإطالة أمد الحرب.
أحد أوجه هذا العبث الذي سيطر على معسكر "الشرعية" هو الفساد، وهو جرمٌ ارتكبه الكثير من قادة الشرعية بينهم بن دغر الذي يحاول رفع "لواء الشرف"، ويحمل راية "مظلومية الشرعية".
بن دغر كان قد أقيل في 15 أكتوبر 2018، من رئاسة الحكومة وتم إحالته للتحقيق بعد اتهامه بارتكاب جرائم فساد، قبل أن يعنيه المؤقت هادي في 23 أكتوبر 2019، مستشارًا رئاسيًّا.
قرار هادي بتعيين بن دغر مستشارًا له جاء بالتزامن مع مرور عام من قرار إقالته من رئاسة الحكومة وإحالته للتحقيق، وقد أرجع هادي قراره إلى "الإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية"، وهو ما أدّى إلى انهيار العملة والتردي الاقتصادي.
بن دغر أقيل من منصبه بعدما استشرى الفساد في هيكل حكومة الشرعية، تاركًا وراءه منظومة فاشلة أغرقت حكومة الشرعية وفضحت عبثها على الملأ، حيث بلغت الصرفيات المعتمدة من رئاسة الوزراء أثناء حقبة بن دغر أكثر من خمسة مليارات ريال، صرفت بتعدٍ على الصلاحيات وبدون رقابة تذكر.
ومستغلًا قربه من بن دغر، شكّل حسين منصور أثناء توليه أمانة مجلس الوزراء، حلقة هامة من حلقات الصرفيات الحكومية غير القانونية، وشارك بتمرير أو عرقلة وظائف ورواتب في وزارة المالية دون أي اعتبار للكفاءة أو للتوجيهات النافذة من جهات عليا، مقابل إتاوات ورشاوي يحصل عليها.
لا يقتصر الأمر على الفساد وحسب، فبالعودة إلى تصريحات "بن دغر" فإنّ هذا القيادي النافذ في معسكر "الشرعية" أقرّ بغياب الرؤية عن حكومة الشرعية، التي يمكن القول إنّها أصبحت خارج نطاق الزمن، وأنّ بقاءها سيضمن للحوثيين تحقيق انتصاراتهم، وهذا يرجع إلى أنّ قادة الشرعية يحقّقون الكثير من المكاسب مع إطالة أمد الحرب.
وبعدما فُضِح أمر "الشرعية" على الملأ أمام المجتمع الدولي فيما يتعلق بتنسيقها وتعاونها مع الحوثيين مع الإدعاء بمعاداة التحالف، فيمكن القول إنّه فقدت الثقة في أن يتغير المشهد الراهن وأنّ الحرب ستكون مرشحة بقوة لتتواصل أكثر وأكثر.