المخاوف من عاصفة كورونا.. كيف لعب بها الحوثيون سياسيًّا؟
منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، أجاد هذا الفصيل الإرهابي التلاعب بالحقائق، وتحميل أطراف أخرى مسؤولية تفاقم أي أزمات، لا سيّما فيما يتعلق بالقطاع الصحي.
وفيما تزايدت المخاوف من تفشي فيروس كورونا على الصعيد الدولي، فإنّ قيادات مليشيا الحوثي المدعومة من إيران عملت على اتهام التحالف العربي بنقل فيروس كورونا إلى اليمن, مع تأكيد خلو مناطقهم من الفيروس.
الاتهام الجاهز في حالة ظهور أي حالة مؤكدة بالفيروس, كرره ناطق مليشيا الحوثي الإرهابية محمد عبدالسلام الذي أكد أنه في حال ظهور أي حالة إصابة بالفيروس فإن التحالف هو المسؤول عن ذلك, مكررًا اتهامات سابقة أطلقها وزير الصحة في حكومة الحوثي غير المعترف بها طه المتوكل والقيادي محمد علي الحوثي عضو ما يسمى المجلس السياسي.
مصدر صحي في صنعاء قال لـ"المشهد العربي" إنَّ الاتهامات الجاهزة للتحالف التي أفصحت عنها مليشيا الحوثي الإرهابية, هي محاولة من المليشيات للتهرب من مسؤولياتها, وتبرير مسبق لفشلها في مواجهة الوباء.
وأضاف المصدر أنّ المليشيات حرمت المستشفيات العامة من ميزانياتها، ودمرت المستشفيات الخاصة, ولم يعد المريض يتلقى أي شيء، ويضطر لشراء كل احتياجاته من الخارج بما في ذلك أبسط الأشياء, وخصصت كل الأموال لدعم الجبهات على حساب الخدمات الضرورية للمواطن والمكفولة له قانونًا.
وأكَّد أنّ المليشيات دمرت القطاع الصحي من حيث إيقاف موازنات المستشفيات, وتعيين عناصرها غير المؤهلة لإدارة المستشفيات، لافتًا إلى أنَّ المستشفيات الحكومية في صنعاء تعمل بالدعم المقدم من المنظمات, بما في ذلك الوقود للمولدات الكهربائية الخاصة بالمستشفيات.
وكثرت المخاوف بشدة من انتشار كورونا في اليمن، الذي يمر ببيئة صحية شديدة الترهل، لا يمكنّها أن تتحمّل مزيدًا من المآسي الصحية.
وأمس الجمعة، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تقريرًا عن احتمالية تفشي فيروس كورونا في اليمن، استطلعت فيه آراء خبراء منظمة الصحة العالمية وأطباء محليين.
وقالت الوكالة إنَّ معظم المرضى الذين يصابون بالفيروس التاجي الجديد يعانون من أعراض خفيفة فقط، ويتعافون بعد حوالي أسبوعين، مؤكدا أنه يمكن أن ينتشر من قبل أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة.
وأضافت أن الأطباء في اليمن يعتقدون في كثير من الحالات أن الفيروس قد وصل ويخشون من أنّ الافتقار إلى أنظمة مراقبة المرض يسمح بتفشي الوباء.
وبحسب الوكالة، يخشى الأطباء في اليمن من أن الحرب المستعرة والأزمة الإنسانية ستفاقم من صعوبات تحديد سلاسل العدوى واحتواء الفيروس.
وأشارت إلى تحديد منظمة الصحة العالمية مرفقين لإجراء الحجر الصحي وتشخيص مرضى فيروس كورونا، الأول في صنعاء التي يسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والثانية في العاصمة عدن.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الصحة قوله إن الناس خائفون لأنهم يعرفون أن حكومة الشرعية ليست مستعدة، مؤكدًا الحاجة إلى القفازات، والنظارات، وأجهزة التهوية، والأدوية والإمدادات الأخرى.
كما أشارت إلى تصريحات طبيب بأحد المستشفيات، بأنه: "لا يمكنني حتى التحدث عن استعدادنا للفيروس، لأننا لا نملك أي شيء".
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية وسط مخاوف جمة بشأن وصول فيروس كورونا المستجد إلى مناطقهم في ظل بيئة صحية شديدة التردي.
ورصدت مصادر إعلامية عن حالة من التخوُّف انتابت السكان من وصول الوباء الخطير إلى مناطقهم، كونهم مروا بتجارب مريرة وأوضاع قاسية في ظل قبضة وحكم الميليشيات الحوثية التي لا تأبه لصحة وحياة السكان كما تدعي، بل تكرس جلّ جهدها وطاقتها لابتزازهم ونهب مدخراتهم لصالح المجهود الحربي.
وباء كورونا الذي أرعب العالم، أكَّدت قيادات المليشيات في حكومتها "غير المعترف بها" أنَّ تفشيه لا يعنيها، وقد تمّ التعبير عن ذلك على لسان رئيس حكومة المليشيات عبد العزيز بن حبتور: "العالم يهرب من التجمعات اليوم هربًا من فيروس كورونا، وشعبنا اليمني ليس لديه شيء يخسره، فقد متنا من الكوليرا والدفتيريا وفيروسات كثيرة، والعالم لم يتحدث عن هذا الأمر، ومن الطبيعي أن يموت هؤلاء اليمنيون".
حملت تصريحات "بن حبتور" اعترافًا حوثيًّا مفضوحًا بأنّ تفشي وباء كورونا أمرٌ لا يشغلها على الإطلاق، لكنّ الأهم في مقابل ذلك هو الحصول على دعم أكثر عددٍ من المدنيين للزج بهم إلى الجبهات.
كما أنّ الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية على مضض للوقاية من تفشي كورونا هي عبارة عن إجراءات شكلية ليس لها أي أثر أو وجود على أرض الواقع.
وتحاول المليشيات أن تظهر للعالم عبر وسائل إعلامها وعبر بعض القرارات والخطوات التي اتخذتها، أنها تحرص على صحة وحياة السكان في مناطق سيطرتها، على الرغم من عملها على تفشي الكثير من الأمراض.
ومنذ أن أشعلت المليشيات حربها العبثية في صيف 2014، شهدت المناطق الخاضعة لقبضة المليشيات تفشيًّا مخيفًا لعددٍ من الأمراض المستعصية والأوبئة مثل الدفتيريا والكوليرا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير.
في الوقت نفسه، تواصل المليشيات العمل على التدمير الممنهج من قبل الحوثيين للقطاع الصحي، ونهب المساعدات الإغاثية الطبية المقدمة من المنظمات الدولية.