فشلت انسايتهم فوحدهم كورونا..!

في حالة غير مسبوقة في تاريخ البشرية وبسبب فيروس « كورونا » الذي أجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه ؛ تفاعل العالم وعلى نحو إستثنائي لمواجهة هذا الخطر الداهم العابر للحدود والقارات والأعراق والأجناس والديانات والمعتقدات ؛ ولم يميز بين الأغنياء والفقراء ؛ ولا بين الأقوياء والضعفاء ؛ ولا بين أصحاب السلطة والجاه والثروات وبين غيرهم من البشر ؛ وكأنه بذلك يقوم بعملية توحيد كونية لهم بصفتهم بشرا متساوين ولا فرق عنده أبدا في ذلك وكما خلقهم الله بصفتهم جميعا ( إنسان ) !!

ويبدو بأن البشرية اليوم أمام إمتحان تاريخي كبير وبكل المقاييس والوقائع والمؤشرات ؛ ويصعب تجاوزها بنجاح دون وحدة وتضامن كل الشعوب والدول والمنظمات الدولية وفعاليات المجتمع المدني ؛ من خلال وحدة فعلها وتعاونها وعبر سلسلة معقدة ومتعددة الأدوات والوسائل ؛ وتجاوز تعقيدات وموانع السياسة وحواجز الأيديولوجيا وأسوار وحسابات المصالح الإقتصادية والتجارية ولو مؤقتا ؛ حتى تعبر البشرية وبأقل تكلفة ممكنة وبأقصر وقت ممكن إلى شاطئ الآمان ! 

وبدون أدنى شك بأن تغييرات هائلة ستحصل وفي كل مناحي الحياة وعلى نحو عميق ؛ فأزمة كورونا الصحية العالمية قد دشنت معها أزمات أكبر وأشمل وأخطر : سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وعلى صعيد منظومة القيم الحاكمة للعلاقات ببن الشعوب وصلات وتواصل الناس وضوابط حياتهم ؛ وتفعيل مرجعيات أخلاقهم وتفاعلاتهم القائمة على العدل والمساواة والتضامن والتراحم والتعاون الممتد والضامن لمصالح الجميع ؛ والملبي لقواعد الدفاع المشترك في مواجهة الأخطار ؛ وتنمية حياتهم وإزدهارها ودون ظلم أو تعسف لحقوق الأخرين أينما كانوا في عالم اليوم والذي يجسده النظام الرأسمالي العالمي المتوحش ؛ وهو من سيكون له النصيب الأكبر وبكل تأكيد من تداعيات كل ذلك وتصبح صلاحيته أمام مراجعة حقيقية لدى الشعوب ومفكريها وفلاسفتها وقادتها السياسيين ؛ بعد أن فشل النظام الصحي وآليات الدولة المختلفة من إحتواء الفيروس وتداعياته منذ أيامه الأولى ؛ وهو مثال ومؤشر فقط يعكس وبجلاء خطورة السيطرة على المال والثروة من قبل قلة قليلة من الشعب تتحكم بكل شيء بما في ذلك مصائر الناس ؛ على عكس ما حصل في الصين وكيف كانت الدولة حاضرة وبقوة وجعلت من إنقاذ حياة شعبها أولوية مطلقة على ما عداها ؛ بل وأصبحت تقدم العون الكبير لعدد من الدول الرأسمالية ذاتها !

ولعل ما يحز في النفس ويبعث على الحزن والألم والإحباط كذلك ؛ أن تنهض البشرية بدولها وشعوبها ومنظماتها قاطبة لمواجهة هذا الموت الذي يجتاح العالم بصمت مخيف وتحشد قدراتها وإمكانياتها لمواجهته والتغلب عليه ؛ وتضع بنفس الوقت في ذهنها وخططها المستقبلية كيف يمكن لها أن تتجاوز تداعياته وآثاره الكارثية ؛ بينما نحن نعيش في حالة حرب مدمرة أفقدت الناس الشعور بالخطر الداهم عليهم ؛ وأنست مصالح القيادات المترتبة عن الحرب مسؤولياتها في إنقاذ الشعب من هذا الخطر ؛ بل ويصر البعض على مواصلة القتال في هذه الظروف وعلى كل الجبهات التي ينبغي أن تتوقف فيها الحرب فورا والتفرغ لمواجهة هذه الكارثة ؛ بل أنهم يستنفرون ويحشدون قواهم لخوض معارك جديدة ضد الجنوب بهدف إخضاعه مجددا والسيطرة على مقدراته وثرواته والتحكم بقرارة وتنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم السياسية الخاسرة بكل تاكيد !

فلهؤلاء جميعا نقول : توقفوا عن العبث بحياة الناس ومستقبلهم وعودوا إلى رشدكم وقبل فوات الآوان وتندمون على إرتكاب المزيد من الحماقات والجرائم بحق شعبنا ووطنا !!