متابعات كورونية 3

منذ أيام دعا أمين عام حلف شمال الأطلسي السيد ينس ستولتنبرج إلى اجتماع طارئ لقادة الحلف عن طريق الفيديو كونفرنس لدراسة خطة لمواجهة فيروس كورونا.

للتذكير فقط فإن إنشاء هذا الحلف المعروف اختصارا بحلف الناتو (North Atlantic Treaty Organization) قد جاء بعيد الحرب العالمية الثانية وتكون من دول المعسكر الغربي (الرأسمالي) بعيد انقسام العالم إلى معسكرين، ونشوء المعسكر الاشتراكي وأعلان حلف وارسو غريمه اللدود.

منذ زمن تردد أن الولايات المتحدة الأمريكية (وهي أقوى دول حلف شمال الأطلسي)، والاتحاد السوفييتي (روسيا اليوم) (وكان حينها عماد حلف وارسو وأقوى دوله) يمتلكان من الأسلحة التدميرية ما يكفي لتدمير الأرض 16 مرة، ولا شك أن هذه القدرات قد تضاعفت عدة مرات، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وبقاء روسيا وظهور الصين كقوتين عسكريتين فائقتي القدرة بجانب (أو بمواجهة) حلف شمال الأطلسي.

قادة الآطلسي اجتمعوا لدراسة كيفية مواجهة فايروس كورونا، وربما لم يجتمعوا (لأن بياناً لم يصدر عن اجتماعهم) لكنهم بالتأكيد لن يأمروا بتحريك البوارج وحاملات الطائرات وإعداد منصات إطلاق الصواريخ والضغط على الزر النووي لمواجهة هذا الفيروس والقضاء عليه، لأن كل هذه الأسلحة تقف عاجزةً أمامه، وما ينفع ضده هو إنبوب صغير يحتوي على لقاح يمكن أن ينتج أجساماً مضادة لهذا اللعين التافه متناهي الضآلة والحجم عظيم التأثير والفتك، وهو ما لم تنتجه مصانع حلف الناتو ( ولا حلف وارسو الذي لم يعد موجوداً بطبيعة الحال).

تأملوا معي كم هي القدرات الخارقة التي بذلت من أجل تدمير الإنسان وما بناه على مدى آلاف السنين من منجزات حضارية وعلمية وتكنولوجية، لكن كل هذا لا ينفع لمواجهة فيروس لا يرى بالعين المجردة، وربما ليس بالمجهر المختبري العادي.

لقد كشف كورونا ذلك الفرق الهائل بين احتياجات الإنسان على الأرض وبين حماقات السياسيين وتهورهم وجشع الأنظمة التي تتحدث عن الإنسانية ولا تصنع إلا ما يعود على طبقاتها الثرية بالعوائد المهولة ولو عن طريق تدمير الإنسانية التي يتحدثون باسمها زورا وبهتاناً