همس اليراع

الحكومة التي ينبغي أن تكون في عدن

وجود الحكومة في عدن أمر أكثر من طبيعي بل هو مطلب وطني ومجتمعي ودستوري، لكن السؤال من هي الحكومة التي ينبغي أن تكون موجودة وبشكل دائم في عدن؟.

لو جرى التعامل بجدية مع مضمون اتفاق الرياض لكانت حكومة الكفاءات قد شكلت منذ أكثر من أربعة أشهر ولم نكن عندئذٍ بحاجة إلى هذا التوتر وهذه الأجواء المشحونة باللغط والتوجس والتنابز بالاتهامات، لكن يبدو أن من صمم الاتفاق وأضاع أكثر من ثلاثة أشهر من عمر اليمنيين في انتظار هذا الاتفاق كان ينوي سلفا السير على طريق وثيقة العهد والاتفاق وغيرها عشرات الاتفاقات التي كان اليمنيون يخرقونها قبل أن يجف حبر التوقيع عليها.

لو نفذت بنود اتفاق الرياض حسب الترتيب الزمني لها أو حتى حسب ما أسمي بـ(مصفوفة تنفيذ الاتفاق) لكان فخامة رئيس الجمهورية قد استقبل الوزراء في عدن لأداء اليمين الدستورية ولكانت الحكومة تعمل في عدن منذ شهور ولما احتجنا لكارثة الفيضان ليتذكر الوزراء أن عليهم العودة إلى مكاتبهم لأنهم أصلا سيكونون في مكاتبهم قبل وأثناء وبعد الكارثة، لكننا صرنا في زمن لا يتذكر المسؤول فيه مسؤوليته إلا بكارثة.

ومع إنني لست من محبي تداول الشائعات لكنني أود الإشارة إلى ما يتناوله بعض الظرفاء من ناشطي التواصل الاجتماعي إذ يقول البعض أن الوزراء أسعدهم الفيضان وخبر استعداد بعض الدول والمنظمات الدولية لتقديم العون للمتضررين من فيضانات عدن فشدوا الرحال لينال كل منهم نصيبه من المليارات التي ستتدفق على عدن، وزاد أحدهم: نطالب رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة لتوزع المعونات بالتساوي بين الوزراء حتى لا يستحوذ البعض على مستحقات زملائهم.

الجماهير التي ارتصت أمام مطار عدن لاستقبال طائرة الحكومة هي نفس الجماهير التي تزاحمت على جبهات مواجهة العدوان في العام 2015م ومعظم هؤلاء هم ممن فقد واحد أو أكثر من أفراد أسرهم في معارك مقاومة العدوان الانقلابي، ليجدوا أنفسهم فجأة ضحايا كارثة جديدة هي كارثة الفيضان، بينما من سرق الانتصار الذي صنعوه يستثمر هذا الانتصار في أرقى المدن في القاهرة واسطنبول وعمان والدوحة.

ومع احترامي لبعض أعضاء الحكومة من الشرفاء وهم قلة إلآ أن هذه الحكومة صارت منتهية الولاية وغير ذات شرعية ولا مشروعية خصوصا بعد أن شهدنا حجم المواجهة والملاسنة بين أعضائها ما يعني أن استبدالها لم يعد فقط مطلبيا قانونيا يقتضيه الدستور والاتفاقات الموقعة ومنها اتفاق الرياض بل ومطلبا شعبيا وجماهيريا تقتضيه التحديات التي صنعتها التطورات والتي لن يكون آخرها جائحة كورونا وكارثة الفيضان.

نفذوا اتفاق الرياض فهو ورقة التوت التي يمكن أن تغطي بعضا من العورات التي أصبحت على مرأى من الجميع، وحينها لن تحتاجوا لطائرات شارتر بتجميع الوزؤاء من مختلف المدن ونقلهم إلى عدن لأنهم أصلاً سيكونون في عدن وعلى الدوام..