جريمة الحوثي المزدوجة.. انتهاك حرمة مسجد واعتداء على نساء

السبت 25 إبريل 2020 15:47:18
 جريمة الحوثي المزدوجة.. انتهاك حرمة مسجد واعتداء على نساء

جريمة مزدوجة تلك التي ارتكبتها المليشيات الحوثية مع حلول شهر رمضان الكريم، حيث استباحت حرمة أحد مساجد محافظة صنعاء، مع الاعتداء على سيدات بداخله.

وأقدمت عناصر مليشيا الحوثي على الاعتداء على مجموعة من النساء في أحد مساجد صنعاء أثناء محاولتهن إقامة صلاة التراويح.

مصادر محلية قالت إنّ مسلحين حوثيين اقتحموا مسجد النساء في جامع الأنصار بشارع الرباط وسط العاصمة صنعاء، أثناء محاولة مجموعة من النساء الدخول لأداء صلاة التراويح، وقاموا بالجلوس داخل المسجد وتعاطي القات ومنعهن من الدخول، ما اضطرهن لإقامة الصلاة في البوابة.

وأضافت المصادر أنّ المليشيات قامت لاحقًا باحتجاز النساء في بوابة المسجد ومضايقتهن بمزاعم "أنهن يقمن بصلاة التراويح تنفيذًا لأوامر التحالف العربي".

وليس هذه المرة الأولى التي تعتدي فيه المليشيات الحوثية على المساجد، فكثيرًا ما أقدم هذا الفصيل الإرهابي على توظيف بيوت الله في المناطق الخاضعة لسيطرتها لخدمة أجندتها المتطرفة، في اعتداءات لم تسلم منها بيوت الله.

ومثّلت الواقعة الأشهر، انتشار فرض المليشيات الحوثية رسومًا على أداء الصلاة في المسجد، بواقع 100 ريال لصلاة الفجر، و50 ريالًا لصلاتي المغرب والعشاء، و50 ريالًا لصلاة الجمعة، و100 ريال لصلاة التراويح.

وفي وقتٍ سابق، أقدمت المليشيات الحوثية على إغلاق مسجد السلام الكائن في حارة السلام بالدائري وسط مدينة رداع بمحافظة البيضاء، وحوّلت الطابق الثاني للمسجد إلى مخزن للأسلحة، بالإضافة إلى مقر لتدريب عناصرها على السلاح ونشر الطائفية.

ولاحظ عددٌ من المصلين إدخال أسلحة إلى المبنى الذي تم إغلاقه، وسُمعت أصوات تدل على وجود تدريب على الأسلحة وكيفية استخدامها، فيما بررت إغلاق الدور الثاني للمسجد لعدم وجود مصلين لكي يتم فتحه.

تحويل الحوثيين، المساجد إلى ثكنات عسكرية أمرٌ ليس بالغريب على الانقلابيين الذين لم يردعهم خوفٌ من الله قبل انتهاك حُرمات بيوته، لتكشف المليشيات عن وجهها الإرهابي الطائفي الذي تعدّدت صنوفه وجرائمه.

المليشيات حوَّلت عددًا من المساجد والمرافق الحكومية والخدمية الواقعة في شوارع الستين والأقصى والأربعين وصنعاء وجمال والكورنيش والقدس وأحياء سكنية قريبة من جبهات القتال إلى ثكنات عسكرية للعناصر القادمة من خارج المدينة إلى جانب تكديس الكثير من الأسلحة والألغام والقذائف في تلك المباني.

وكثيرًا ما استغلت المليشيات، المساجد بمناطق سيطرتها، في جمع الأموال وحث المواطنين على الذهاب لجبهات القتال، كما تقوم بتدريس أفكارها الطائفية، وإلقاء المحاضرات التحريضية بشكل يومي في المساجد لتكريس الطائفية وتمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي.

الشِق الآخر من الجريمة الحوثية تتعلق بالجرائم التي ترتكبها المليشيات ضد النساء، حيث تعرضن لانتهاكات شديدة ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران.

كما تواجه النساء في سجون المليشيات لانتهاكات واسعة في سجون مليشيا الحوثي، وسط تجاهل دولي واسع، لا سيّما في ظل ما يطال المعتقلات من تعذيب واغتصاب عقب اعتقالهن بشكل قسري في سجون تابعة للمليشيات.

وتتم عمليات الاختطاف والاعتقال للنساء والفتيات من قبل المليشيات بمبررات واهية وبأسلوب همجي غير مسبوق يضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية وعادات وتقاليد وأخلاق المجتمع.

وفيما قوبلت جرائم الحوثيين بصمت مريب من المجتمع الدولي، فقد توسَّعت المليشيات في ارتكاب الانتهاكات لا سيَّما ضد النساء، اللاتي واجهن آثارًا مروِّعة من التعذيب في سجون معلنة وسرية أنشأها الحوثيون لهذا الغرض.

وعلى مدار السنوات الماضية، حوَّلت المليشيات الحوثية عددًا من مباني صنعاء إلى سجون وحشية، تُمارس فيها أبشع صنوف التعذيب، وصفتها المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، بأنّها تفوق جرائم التعذيب التي في سجن جوانتانامو أو سجن أبو غريب بالعراق.

ورُصِدت الكثير من الشهادات المروعة والمقززة حول ما تتعرض له النساء المحتجزات في أقبية السجون والزنازين، بحسب تقرير للمنظمة قال إنَّ القائمين على هذه الجرائم البشعة تجرَّدوا من إنسانيتهم وآدميتهم, بل ويتلذذوا بما يمارسونه من إجرام وإيذاء لنساء ضعيفات لاحول لهن ولاقوة سوى الصراخ وتوسل الجلادين الذين نزعت من قلوبهم الرحمة.

وتواجه النساء الضحايا في أقبية السجون السرية التابعة لقيادات معروفة في مليشيا الحوثي ظروفًا مأساوية جراء الاعتداءات الجسدية والجنسية عليهن، حتى أنّ بعض النساء الضحايا دخلن في حالات نفسية سيئة جراء التعذيب الممنهج والمتعمد لإذلالهن وامتهانهن وتدمير نفسياتهن.

ورصدت المنظمة الحقوقية عددًا من محاولات الانتحار لضحايا تلك السجون, فضلًا عن إصابة بعض المعتقلات والمختفيات قسرًا بعاهات وإعاقات جسدية جراء التعذيب الوحشي الذي تعرضن له.

ودعت المنظمة، المجتمع الدولي إلى تحرُّك عاجل لإغلاق هذه المعتقلات وإخضاع الضحايا لبرامج تأهيل نفسية, وبدء التحرك لمقاضاة القيادات الحوثية المتورطة في ارتكاب هذه الجرائم, التي تعد من الجرائم ضد الإنسانية في محكمة الجنايات الدولية.

وعبرت المنظمة عن أسفها واستنكارها لإعادة القيادي الحوثي المتهم بالوقوف وراء تلك الجرائم المدعو سلطان زابن إلى منصب مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي وتعيين المدعو حسن بتران مساعده في تلك الجرائم مديرا للبحث الجنائي في محافظة إب، وتوزيع بقية المتهمين في مناصب أمنية حساسة تمس أمن وكرامة وخصوصيات المواطنين بعد إدانة تلك القيادات بارتكاب هذه الفظائع والجرائم وإيقاف الإجراءات القضائية بحقهم.

لا تقصتر الاعتداءات الحوثية على النساء في السجون فقط، فحرب المليشيات العبثية التي أكملت عامها الخامس، ضاعفت من مستويات العنف والقيود على المرأة.

بحسب منظمة العفو الدولية، فإنّه على الرغم من أنَّ النزاع في اليمن كان له تأثير رهيب على كل المدنيين بصفة عامة، فإنَّ النساء والفتيات تأثرن بهذا الوضع بشكل غير متناسب.

وأضافت أنَّ المرأة التي لا يرافقها أحد اقاربها تواجه مخاطر متزايدة من العنف عند نقاط التفتيش، ويشمل أحد التكتيكات الفعلية التي تستخدمها مليشيا الحوثي حلق شعر الرأس، ولا سيما رؤوس العرائس الجدد اللاتي يسافرن بين المحافظات بمفردهن عند نقاط التفتيش بهدف الاجتماع مع أزواجهن.

وأضافت: "في هذا المجتمع، يُتوقع من المرأة جذب زوجها جسديا، فضلا عن الاعتناء به وعادة ما ينتهي الأمر بهؤلاء النساء إلى الطلاق، والعار والحزن".

وأوضحت المنظمة أنَّه في الغالب تتردد ضحايا العنف اللاتي يتعرضن لحلق الرأس مثلاً في الإبلاغ عن الانتهاك الذي تعرضن له، إذ يخشين من ردة فعل مجتمعهن المحلي ومسؤولي الأمن.

ولفتت إلى أن واحدة من القضايا التي جعلت النساء يرفضن التزام الصمت هو اعتقالهن أو الاختفاء القسري الذي يتعرض له أحد أعضاء أسرهن، وأكدن أن أمهات وزوجات وأخوات المحتجزين الذكور هن ضحايا الاحتجاز المباشر وغير المباشر والاختفاء القسري الذي يتعرض له أعضاء أسرهن.

وتابعت: "بالإضافة إلى حرمانهن من أزواجهن، وآبائهن، وإخوانهن، يعانين من الناحية النفسية، إذ يزداد الوضع سوءًا بسبب عدم معرفة متى سيعود أحباؤهن أو إن كانوا سيعودون".

وذكرت المنظمة في تقريرها: "النساء يجدن أنفسهن مضطرات إلى أن يصبحن، بشكل رئيسي، مُعيلات وربات لأسرهن، وناشطات يتجندن من أجل حقوق أقربائهن الذكور المحتجزين".

وبحسب التقرير، فإنَّ كل دور تضطلع به المرأة يضاعف احتمالات تعرضها للعنف الجنسي والجسدي في منزلها وخارجه سواء من طرف جيرانها الذين يستغلون ضعف المرأة أو من طرف قوات الأمن التي تَحُدُّ من نشاطها وترفض التقارير التي تتناول العنف الذي تتعرض له.

وأكد تقرير العفو الدولية" أنّه على الرغم من هذه التحديات، تواصل هؤلاء النساء الشجاعات كفاحهن من أجل الإفراج عن أقاربهن الذكور أو من أجل حقهن في معرفة ما حدث لهم.

ونقل التقرير عن إحدى الناشطات اليمنيات القوله إنّه خلال المظاهرات التي دعت إلى إطلاق سراح المعتقلين، تعرضت النساء إلى معاملة مهينة من قبل أفراد الأمن عندما كن يمارسن حقهن في الاحتجاج أمام مكتب مبعوث الأمم المتحدة.

وقالت: "تعرضنا للمضايقات، والضرب بالبنادق، وخَلع غطاء الرأس، والسحل في الشارع من قبل قوات الأمن، بعضهم كانوا يرتدون ملابس مدنية، وبعضهم الآخر كانوا يرتدون بدلات عسكرية وتعرضت إحدى النساء لجرح في الرأس وكانت تنزف في الشارع".