همس اليراع
إجراء في وقته
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الصادر يوم أمس السبت 25/ أبريل وما تضمنه من خطوات وإجراءات كان ضرورة حتمية اقتضتها ظروف الأزمة المتفاقمة في عدن ومحافظات الجنوب المتحررة.
سأدع جانباً قضية المؤامرة المدبرة بإتقان ضد الجنوب وقضيته العادلة والتي أشار إليها البيان، المؤامرة َالتي ما يزال البعض لا يصدق وجودها رغم كل الشواهد والقرائن المؤكدة، سادع كل هذا جانباً واتحدث عن المعاناة التي يتعرض لها المواطنون الجنوبيون جراء سياسة التعذيب الممنهج التي تتبعها حكومات الشرعية ضد أبناء الجنوب، منذ إقالة الأستاذ خالد بحاح.
بعد أن هزم الجنوبيون المشروع الانقلابي عام ٢٠١٥م وعودة الحكومة ورئيس الجمهورية إلى عدن وتسليمهم الموارد والمصالح والمؤسسات توقع الناس أن محافظات الجنوب ستشهد نهوضا معيشيا وخدميا وأمنيا وتنفيذيا سيكون سببا في هزيمة المشروع الانقلابي بسبب التفوق (المفترض) لأداء الحكومة الشرعية في عدن على الانقلاب والانقلابيين في صنعاء، لكن شيئا من هذا لم يحصل، بل لقد تفرغ "الشرعيون جداً" (الذين اختطفوا الشرعية بعد التصفيات الأولية) تفرغوا لمحاربة الشرفاء واستبدالهم بالفاسدين وذوي الملفات المتضخمة بالسمعة السيئة، فبعد اغتيال الشهيد جعفر محمد سعد في ظروف غامضة شملت الحرب عددا من الوزراء المخترمين أمثال خالد با جنيد ووحي امان وهاني بن بريك ود محمد المخلافي َومراد الحالمي وآخرين والمحافظين عيدروس الزبيدي وناصر الخبجي وأحمد لملس وأحمد بن بريك وسالم السقطري وفضل الجعدي وآخرين.
لم تتوقف الحرب على الشرف والشرفاء عند الإقالات بل امتدت إلى نهب الموارد والعبث بها وتسخير أجزاء كبيرة منها إلى حسابات خاصة ببعض المسؤولين، ويكفي ان نتذكر أن عيدروس الزبيدي وفر لمحافظة عدن فقط قرابة ستة مليارات ريال يمني، استحوذ عليها رئيس الوزراء بن دغر وحولها إلى حساب خاص به في الخارج وحتى الآن لم يسأله أحد عن مصير هذا المبلغ المعلن للجميع، وما خفي أعظم وأبشع، ولن نتحدث عن إيرادات خمس سنوات من المطارات والموانئ ومبيعات النفط ومصفاة عدن والرسوم والضرائب والجمارك، التي تبلغ عشرات المليارات شهرياً، لا يعلم أحد أين تذهب ولا على ماذا تصرف، في حين تعاني عدن ومحافظات الجنوب من غياب خدمة الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي والخدمة الطبية، وانقطاع مرتبات الموظفين الحكوميين والمتقاعدين وبدايات مجاعة واضحة وانتشار للأوبئة ، وتردي في كل مناحي الحياة هو أقرب إلى الانهيار إن لم يكن الانهيار بعينه، كل هذا يقابل بعجز مخطط وممنهج بادٍ لكل أهل عدن والجنوب.
لم تكن فيضانات عدن مناخية وطبيعية فقط، بل لقد عرفت عدن حالات مشابهة طوال تاريخها، ليس آخرها فيضانات مارس ١٩٨٢م لكنها لم تؤدِّ إلى ربع ولا حتى ١٠٪ مما جرى لعدن وأهلها في الاسبوع الأخير.
كل الانهيار الذي تشهده عدن وبقية محافظات الجنوب تكمن خلفيته السياسية في سياسات الفساد والتدمير الممنهج للبنية التحتية لعدن وكل الجنوب منذ العام ١٩٩٤م، لكن فساد الشرعية ووكلائها في عدن جاوز كل تصور وفاق كل السمعات السيئة لكل الفاسدين السابقين.
كانت فيضانات عدن هي الهبة التي ازاحت ورقة التوت عن كل عورات الشرعية ومتنفذيها وصار لزاما على المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه كل شرفاء الجنوب اتخاذ خطوة جادة لإيقاف الانهيار ومنع عجلته من الاندفاع بالبلد إلى الهاوية ذات المجاهيل المتعددة.
أدعو جميع ابناء الجنوب في الداخل والخارج وكل منظماتهم المجتعية وجالياتهم وتنظيماتهم النقابية والمهنية ومكزناتهم السياسية إلى الالتفاف حول قرارات المجلس والدفاع عنها وإدراك أهدافها وعدم الانسياق وراء الابواق المرجفة التي أشبعتنا تزويرا للحقائق وتشكيكا بنضالاتنا ومناضلينا وتشويها بتضحيات شعبنا، كما ادعو كل الإخوة الجنوبيين في الشرعية إلى الانتصار لشعبهم والعودة إلى أهلهم حيث مكانهم الطبيعي وحيث مصلحتهم الوطنية والكف عن الرهان على من باعوا ديارهم ومناطقهم لحلفاء أيران وجاءوا إلى الجنوب ليحرروه من اهله.