كورونا وإصابات الالتهاب الرئوي.. وجه آخر لـالتلاعب الحوثي
تفاقمت المأساة الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، على النحو الذي كبَّد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة، في وقتٍ تتهم فيه المليشيات بأن تمارس تعتيمًا حول ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا في مناطقها.
ووجّه وزير الصحة في حكومة الحوثيين غير المعترف بها طه المتوكل تعميمًا جديدًا يطالب المستشفيات العامة والخاصة بتحويل كافة حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي الحاد إلى المستشفيات المعتمدة لعلاج فيروس كورونا المستجد.
مصدر طبي في صنعاء أبلغ "المشهد العربي" أنّ التوجيه الجديد جاء بعد تزايد حالات الوفاة بالالتهابات الصدرية, ورفض مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، إجراء فحوصات كورونا لها, بسبب المعايير التي أعدتها سابقا ومنها أن يكون الخاضع للفحص عائدا من خارج اليمن.
وأضاف المصدر أنّه بسبب هذه الشرط رفضت عناصر مليشيا الحوثي في المختبر المركزي إجراء فحوصات لعشرات الحالات المشتبهة بكورونا.
وأشار إلى أن التعميم الجديد الصادر عن وزير الصحة الحوثي تراجع عن هذا الشرط .
وترفض المستشفيات في صنعاء استقبال حالات الالتهاب الرئوية الحادة خشية كورونا, كما ترفض المستشفيات الخاصة بكورونا استقبالهم بحجة أنها مخصصة لاستقبال الحالات المؤكدة بالإصابة بفيروس كورونا، وهو ما تسبب بوفاة الكثير من المرضى.
ووفق المصدر فإن المستشفيات المخصصة لمرضى كورونا ستبدأ استقبال جميع الحالات المشتبهة وإجراء الفحوصات لها وفق التعميم الجديد.
وكثرت المخاوف بشدة من انتشار كورونا في اليمن، الذي يمر ببيئة صحية شديدة الترهل، لا يمكنّها أن تتحمّل مزيدًا من المآسي الصحية.
وسبق أن نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تقريرًا عن احتمالية تفشي فيروس كورونا في اليمن، استطلعت فيه آراء خبراء منظمة الصحة العالمية وأطباء محليين.
وقالت الوكالة إنَّ معظم المرضى الذين يصابون بالفيروس التاجي الجديد يعانون من أعراض خفيفة فقط، ويتعافون بعد حوالي أسبوعين، مؤكدا أنه يمكن أن ينتشر من قبل أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة.
وأضافت أن الأطباء في اليمن يعتقدون في كثير من الحالات أن الفيروس قد وصل ويخشون من أنّ الافتقار إلى أنظمة مراقبة المرض يسمح بتفشي الوباء.
وبحسب الوكالة، يخشى الأطباء في اليمن من أن الحرب المستعرة والأزمة الإنسانية ستفاقم من صعوبات تحديد سلاسل العدوى واحتواء الفيروس.
وأشارت إلى تحديد منظمة الصحة العالمية مرفقين لإجراء الحجر الصحي وتشخيص مرضى فيروس كورونا، الأول في صنعاء التي يسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والثانية في العاصمة عدن.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الصحة قوله إن الناس خائفون لأنهم يعرفون أن حكومة الشرعية ليست مستعدة، مؤكدًا الحاجة إلى القفازات، والنظارات، وأجهزة التهوية، والأدوية والإمدادات الأخرى.
كما أشارت إلى تصريحات طبيب بأحد المستشفيات، بأنه: "لا يمكنني حتى التحدث عن استعدادنا للفيروس، لأننا لا نملك أي شيء".
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية وسط مخاوف جمة بشأن وصول فيروس كورونا المستجد إلى مناطقهم في ظل بيئة صحية شديدة التردي.
ورصدت مصادر إعلامية عن حالة من التخوُّف انتابت السكان من وصول الوباء الخطير إلى مناطقهم، كونهم مروا بتجارب مريرة وأوضاع قاسية في ظل قبضة وحكم الميليشيات الحوثية التي لا تأبه لصحة وحياة السكان كما تدعي، بل تكرس جلّ جهدها وطاقتها لابتزازهم ونهب مدخراتهم لصالح المجهود الحربي.
وباء كورونا الذي أرعب العالم، أكَّدت قيادات المليشيات في حكومتها "غير المعترف بها" أنَّ تفشيه لا يعنيها، وقد تمّ التعبير عن ذلك على لسان رئيس حكومة المليشيات عبد العزيز بن حبتور: "العالم يهرب من التجمعات اليوم هربًا من فيروس كورونا، وشعبنا اليمني ليس لديه شيء يخسره، فقد متنا من الكوليرا والدفتيريا وفيروسات كثيرة، والعالم لم يتحدث عن هذا الأمر، ومن الطبيعي أن يموت هؤلاء اليمنيون".
حملت تصريحات "بن حبتور" اعترافًا حوثيًّا مفضوحًا بأنّ تفشي وباء كورونا أمرٌ لا يشغلها على الإطلاق، لكنّ الأهم في مقابل ذلك هو الحصول على دعم أكثر عددٍ من المدنيين للزج بهم إلى الجبهات.
كما أنّ الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية على مضض للوقاية من تفشي كورونا هي عبارة عن إجراءات شكلية ليس لها أي أثر أو وجود على أرض الواقع.
وتحاول المليشيات أن تظهر للعالم عبر وسائل إعلامها وعبر بعض القرارات والخطوات التي اتخذتها، أنها تحرص على صحة وحياة السكان في مناطق سيطرتها، على الرغم من عملها على تفشي الكثير من الأمراض.
ومنذ أن أشعلت المليشيات حربها العبثية في صيف 2014، شهدت المناطق الخاضعة لقبضة المليشيات تفشيًّا مخيفًا لعددٍ من الأمراض المستعصية والأوبئة مثل الدفتيريا والكوليرا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير.
في الوقت نفسه، تواصل المليشيات العمل على التدمير الممنهج من قبل الحوثيين للقطاع الصحي، ونهب المساعدات الإغاثية الطبية المقدمة من المنظمات الدولية.