الحوثيون ونهب المساعدات.. كيف تضاعف المليشيات وجع الفقراء؟

السبت 2 مايو 2020 00:35:13
الحوثيون ونهب المساعدات.. كيف تضاعف المليشيات وجع الفقراء؟

يمثِّل نهب المساعدات الإنسانية، واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية على مدار سنوات الحرب القائمة منذ صيف 2014، ما أسفر عن أزمات حياتية شديدة البشاعة.

وفي هذا الإطار، حذرت صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الجمعة، من الضغوط التي تمارسها مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، على المنظمات الأممية بهدف نهب واغتصاب الدعم الذي تقدمه، وقصره على أهدافها الخاصة دون مراعاة احتياجات المواطنين.

وأوضحت أنّه في الوقت الذي تتصاعد فيه مخاطر تفشي الكوليرا وكورونا في اليمن بالتزامن مع تقلص المساعدات الإنسانية إلى النصف، تواصل المليشيات الحوثية ضغوطها على الوكالات الأممية؛ لاستنزاف أكبر قدر ممكن من الدعم لمصلحة مجهودها الحربي، وعلاج جرحاها العائدين من جبهات القتال.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأنّ قادة المليشيات الحوثية يكثفون ضغوطهم على عدد من الوكالات الأممية العاملة في صنعاء؛ لاستجلاب المزيد من الدعم الطبي للمستشفيات العسكرية المخصصة لاستقبال جرحى المليشيات.

وأبرزت الصحيفة تأكيد عاملين في القطاع الصحي أن المليشيا الحوثية حولت أغلب الدعم الدولي الطبي للمجهود الحربي، وحصرت خدمات المستشفيات العامة المجانية الخاضعة لها على جرحاها والموالين لها، بعيدا عن معاناة الملايين في مناطق سيطرتها.

وتواصل المليشيات الحوثية الموالية لإيران العبث بملف المساعدات الإنسانية، على النحو الذي يضاعف من الأعباء على السكان القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتعبيرًا عن وصول هذه الأزمة إلى حد الابتزاز، فقد هدّد القيادي بالمليشيات محمد علي الحوثي برنامج الغذاء العالمي بعرض فيديوهات عن جلسات مفاوضات بين المليشيات والبرنامج تخص اشتراطات المليشيات تقديم المساعدات نقدا.

ونشر الحوثي، تغريدة على "تويتر"، خيّر فيها البرنامج التابع للأمم المتحدة بين الدفع نقدًا أو عرض الفيديوهات، في ابتزاز أقرب للعمل الاستخباراتي منه للعمل الدبلوماسي.

وقال الحوثي في تغريدته: "إذا لم يبدأ برنامج الغذاء بتنفيذ المرحلة التجريبية لتسليم الكاش متعمدًا ومبررًا بأعذار واهية، فقد يتم انزال الفديوهات الخاصة بهذه الاعذار ونظهر موافقتهم على البنود وحقيقة اختلاق المشاكل التي يعرقلون التنفيذ للمرحلة التجريبية للكاش بها وقد تم اطلاع مسؤولي البرنامج باليمن على الفيديوهات".

وصعدت المليشيات الحوثية من ضغوطاتها على المنظمات الدولية العاملة في اليمن لتسليمها الملفات الإنسانية والاكتفاء بالرقابة، في مسعى لزيادة سيطرتها على المساعدات لصالح الموالين لها، تحت مسميات أسر الشهداء والجرحى، وبأساليب منها فرض ضرائب وتوظيف عناصر تابعين لها في المنظمات.

وتمثل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، حتى خلّفت كثيرًا من المآسي الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويمكن القول إنّ إعاقة مليشيا الحوثي المساعدات ونهبها جريمة حرب تستوجب المحاكمة من قبل المنظمات الدولية المعنية التي لا تجد أي ضمانات حوثية لوصول المساعدات إلى مستحقيها، ما دفعها للتهديد أكثر من مرة بتخفيض حجم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

ومؤخرًا،كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالمياً، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.

ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.

وفي أبريل الماضي، أكّد برنامج الغذاء العالمي في اليمن رفضه أي تحويل لمسار المساعدات الغذائية التي لا تتماشى مع مهمته الرئيسية المتمثلة في الاستجابة للأزمة الإنسانية الطارئة في اليمن.

وقال البرنامج في تغريدة على حسابه في تويتر إنه على عِلم بالفيديو الذي تم تداوله مؤخرًا على وسائل التواصل، والذي يُظهر موادًا إغاثية تحمل شعار برنامج الأغذية العالمي على خط المواجهة في صرواح، وأضاف: "لا يمكن للبرنامج قبول أي تحويل لمسار المساعدات الذي لا يتماشى مع مهمته الانسانية في اليمن".

وعثر في هذه الجبهة على كميات من المواد الإغاثية المقدمة من منظمات أممية لمليشيا الحوثي باليمن في جبهة صرواح، بعد طردهم منها .

يأتي ذلك بعد أيام على إعلان البرنامج الأممي عزمه تخفيض المساعدات التي يقدمها للسكان في مناطق اليمن الخاضعة لسيطرة (الحوثيين) إلى النصف ابتداء من منتصف شهر أبريل الجاري، بعدما خفض المانحون التمويل بسبب عرقلة الحوثيين لإيصال المساعدات.

بالتزامن مع ذلك، اتهمت الأمم المتحدة، مليشيا الحوثي الإرهابية بعرقلة الجهود الإغاثية، على النحو الذي يضاعف من الأزمة الإنسانية التي تعتبر الأفدح على مستوى العالم.

وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك تحدّث في إحاطة أمام مجلس الأمن، عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقال إنّ القيود المفروضة على حركة الموظفين والبضائع في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال تحد من قدرتها الحفاظ على المستويات العالية من المساعدة التي يحتاجها اليمنيون.

وأضاف لوكوك: "في شمال اليمن (مناطق سيطرة الحوثيين) ، لا تزال تحديات الوصول شديدة فالقيود مرهقة للغاية لدرجة أن الوكالات الإنسانية تجبر على معايرة البرامج والتسليم إلى مستويات تصل حد إدارة مخاطر مرتبطة بهذه البيئة غير المتساهلة".

وكشف لوكوك عن أنّ 92 طلبًا من الوكالات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال معلقة لدى الحوثيين، بما في ذلك 40 طلبًا تنتظر شهورًا للبدء.

واستعرض المسؤول الأممي جملة من الممارسات التعسفية الحوثية لعرقلة الجهود الإنسانية متهما القيادات الحوثية برفض مهام الوكالات بشكل تعسفي ، مؤكدًا أن العاملين في المجال الإنساني لا يزالون يعانون من قيود شديدة على الحركة في الميدان، بما في ذلك خلال الأيام القليلة الماضية، علاوة على تعرض الموظفين لتأخير طويل عند نقاط التفتيش، حتى عندما تكون الأوراق جاهزة.

وأضاف: "في حادثة خطيرة بشكل خاص لم يتم حلها بعد، مُنع موظفو الأمم المتحدة الدوليون في بعض المواقع من الانتقال إلى صنعاء.. هذا أمر غير مقبول".