مرحلة يمنية جديدة
الحوثيون في حيص بيص. صار حالهم كمن فقد ظله، لا يعرفون رؤوسهم من أرجلهم، وصارت أصواتهم أعلى من أفعالهم بعد أن خسروا جلّ معاركهم ومواقعهم. وكانت ثالثة الأثافي إقدامهم على اغتيال حليفهم السابق علي عبد الله صالح ما أوقعهم في شر فعلتهم، وزاد من النقمة عليهم وانفضاض القبائل من حولهم باعتبارهم لا يؤتمنون على حليف أو نصير.
وزاد من حرجهم وقلة حيلتهم أن تمكن طارق محمد صالح ابن شقيق الرئيس السابق، وهو ضابط كبير في قوات الحرس الجمهوري، من مغادرة صنعاء رغم كل الإجراءات الأمنية التي اتخذوها وعمليات البحث والتفتيش التي قاموا بها، لكنه أفلت من قبضتهم وصار حراً طليقاً قادراً على لمّ شمل قوات الحرس الرئاسي من جديد ليقلب الموازين في صنعاء في مواجهة قريبة مع الحوثيين.
خروج طارق محمد صالح من العاصمة يؤكد فشل المنظومة الأمنية للحوثيين، كما يؤكد أن القبائل اليمنية ضاقت ذرعاً بهم، لأن خروجه ما كان ليتم لولا دعم القبائل له واستعدادها للقتال إلى جانبه في معركة تحرير اليمن ممن ارتضى أن يكون بيدقاً في مشروع إيران للهيمنة على المنطقة، وإخراج هذا البلد العربي من حاضنته العربية.
واضح أن كل الإجراءات الأمنية التي اتخذها الحوثيون، وما رافقها من توزيع منشورات للقبض على طارق محمد صالح لم تؤد إلى نتيجة، إذ يتبدى من هذا الاهتمام به أنه يمثل «ثروة» معلومات وإمكانات وقدرات يمكن أن تؤثر في مسار أي معركة، نظراً لقربه الشديد من الرئيس السابق واعتباره «صندوق أسراره»، ثم تأثيره داخل حزب المؤتمر الشعبي، وقدرته على إعادة لملمة صفوفه، وإخراجه من محاولات وضعه في الحضن الحوثي، إضافة إلى أنه بحكم تواجده في صنعاء خلال المرحلة الماضية لديه معلومات عن قدرات وإمكانات الحوثيين وطريقة عملهم وأساليبهم القتالية، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة، إذا ما استخدمت هذه المعلومات في إدارة المعركة ضدهم.
لن تكون معركة صنعاء بعيدة، وسيتم تحريرها مع بقية المناطق اليمنية، تماماً كما استطاع أهالي جنوب اليمن الخلاص من الحوثيين، حيث صدوا المشروع الإيراني عن مناطقهم التي كانت دائماً تشكل نبضاً للوطنية والقومية، وحموا البحر الأحمر ومداخله من أن تتحول إلى بحيرة فارسية.